مدخل إلى رسالة يوحنّا الثّالثة
لمزيد من المعلومات حول هذه الرسالة، من الأفضل العودةُ إلى مدخلَيْ رسالتَيْ يوحنّا الأولى والثانية.
استنادا إلى الموروث القديم، كَتَب الحواري يوحنّا هذه الرّسالة، وهي تشبه إلى حدٍّ كبير رسالتَي يوحنّا الأولى والثانية. ولا وجود لإشارة تُحدِّد زمن كتابتها، ولكن عند مقارنتها بهاتين الرّسالتين يمكن القول إنّها كُتبت في مدينة أفاسوس في زمنٍ متأخِّرٍ من القرن الأوّل للميلاد.
كانت جماعات المؤمنين بسيّدنا عيسى (سلامه علينا) تلتقي في البيوت على مدى القرون الثلاثة الأولى. وقد وجّه يوحنّا هذه الرّسالة إلى غايُس، وهو من رعايا المؤمنين في مقاطعة آسيا الرّومانية، وقد ثبت في إيمانه بينما كانت جماعته تعاني من سلطة رجل يُدعى ديوتريفي، وهو شيخ له نفوذ قويّ بين جماعات المؤمنين، وبسلطته ضغط عليهم ورفض سلطة الحواري يوحنّا، ولم يرحّب بالرّجال الذين أرسلهم هذا الأخير إليه. لذا وجّه يوحنّا رسالته إلى غايُس الذي وثق به، طلبا من المؤمنين معاملةً أفضلَ للذين أرسلهم.
لقد كان يوحنّا يهدف من هذه الرّسالة إلي مواجهة تأثير ديوتريفي السّلبي، وحذّره من التّمادي في عناده، وهو ما قد يعرّضه إلى مواجهته شخصيا وهو ما من شأنه أن يؤذي جماعة المؤمنين.
وأرسل يوحنّا مبعوثين مرّة أخرى لنشر رسالة سيّدنا عيسى (سلامه علينا) حتّى يُعلّموا الناس تعاليمه في مناطق مختلفة. وهذه الرّسالة هي عبارة عن توصية تلتمس حسن الضيافة من أجل ديمِتري، وهو من بين الدّعاة الذين لم يرحّب بهم ديوتريفي وأتباعُه.
بسم الله تبارك وتعالى
رسالة الحَواريّ يُوحَنّا الثّالثة إلى أحباب الله
1
تحيّة
مِن يُوحنّا الشَّيخِ، إلى الأخِ غايُس الحَبيبِ الّذي أُحِبُّهُ حُبًّا صادِقًا.
أيُّها الحَبيبُ، أرجو لكَ الخَيرَ في كُلِّ شَيءٍ، وأن تَكونَ سَليمَ الجِسمِ، وكَما عَهِدتُكَ، قَويَّ الرُّوحِ. كَم كُنتُ مَسرورًا عِندَما زارَني بَعضُ الإخوةِ وأخبَروني أنّكَ تَتَمَسَّكُ بالحَقِّ وتَسلُكُ الصِّراطَ المُستَقيم. أجَل، ما أعظَمَ فَرَحي حينَ يَصِلُني أنّ أبنائي يَسلُكونَ الطَّريقَ الحقَّ!
ثناء على الأخ غايس
أيُّها الحَبيبُ، إنّكَ أمينٌ لِرَبِّكَ في كُلِّ ما تَقومُ بِهِ مِن أجلِ الإخوةِ، حَتّى وإن كانوا غُرَباءَ، وهُم الّذينَ شَهِدوا لكَ بِالمَحَبّةِ عِندَ جَماعةِ المؤمِنينَ هُنا. وخَيرًا تَفعَلُ إذا واصَلتَ في مُساعَدتِهِم وتَزويدِهِم بِما يَحتاجونَهُ في سَفَرِهِم، وكَما تَعلَمُ، فإنّ هذا يُرضي اللهَ. لأنّهُم انطَلِقوا في سَبيلِ الدَّعوةِ إلى السَّيِّدِ المَسيحِ (سلامُهُ علينا)، ولم يَقبَلوا أيَّ عَونٍ مِن غَيرِ المُؤمنينَ. فمِن واجِبِنا نَحنُ أن نُرَحِّبَ بِأمثالِ هؤلاءِ حَتّى نَكونَ شُرَكاءَ لهُم في العَمَلِ في سَبيلِ الحقِّ.
تحذير من بعض القادة المضللين
لقد كَتَبتُ بِكَلِمةٍ إلى جَماعةِ المؤمنينَ في مَكانِ إقامتِكَ، ولكِنّ ديوتْريفي الّذي يُحِبُّ أن يَتَصَدَّرَ المؤمنينَ أعرَضَ عن كَلامي. 10 وعِندَما أحُلُّ بَينَكُم سأذكُرُ لكُم أعمالَهُ وكَيفَ يَتَّهِمُنا بخُبثِهِ. ولا يَكتَفي بهذا، بل يَرفُضُ الإخوةَ الدُّعاةَ، ويَمنَعُ كُلَّ مَن يَرغَبُ في استِقبالِهِم، ويَطرُدُهم مِن جَماعةِ المؤمنينَ.
11 أيُّها الحَبيبُ، لا تَتَّبِعِ الأشرارَ، بل اقتَدِ بالمُحسِنينَ الأخيارِ. فمَن يَفعَلُ الخَيرَ فهو مِن آلِ بَيتِ اللهِ، ومَن يَفعَلُ الشَّرَّ يُثبِتُ عَدَمَ إيمانِهِ باللهِ. 12 أمّا الأخُ ديمِتْري، فالكُلُّ يَشهَدُ على صَلاحِهِ، ويَشهَدُ لهُ الحقُّ العَظيمُ، ونَحنُ نَعتَرِفُ بذلِكَ، وأنتَ تَعرِفُ أنّ اعتِرافَنا حقٌّ يَقينٌ.
الخاتمة
13 لَدَيَّ الكَثيرُ لأُحَدِّثُكَ بِهِ، ولكِنّي لا أُريدُ أن أُدَوِّنَهُ بِالحِبرِ على الوَرَقِ، 14 لِذلِكَ أَرجو أن نَلتَقيَ قَريبًا. 15 السَّلامُ عليكَ. يُسَلِّمُ عليكَ جَميعُ الأصحابِ. وسَلِّمْ على كُلِّ واحِدٍ مِنَ الأَحبابِ.