الفصل الخامس
كُلُّ مَن يُؤمِنُ أنّ سَيِّدَنا عيسى هُو المَسيحُ المُنقِذُ المَوعودُ، فهُو مِن أهلِ بَيتِ اللهِ المَجيدِ. ومَن يُحِبُّ اللهَ الأبَ الرَّحيمَ يُحِبُّ أهلَ بَيتِهِ تَعالى. ونَحنُ نَعرِفُ أنّنا نُحِبُّ عِيالَ اللهِ، ما دُمنا قد أحبَبناهُ وعَمِلنا بِوصاياهُ، لأنّ مَحَبّتَنا للهِ هِي أن نَعمَلَ بِما أوصانا بِهِ. وما أمْرُ اللهِ علينا بِثَقيلٍ، فكُلُّ مَنِ انضَمَّ إلى أهلِ بَيتِ اللهِ، كانَ فَوقَ هذا الوُجودِ وخَطاياهُ. فإيمانُنا بسَيِّدِنا عيسى المَسيحِ (سلامُهُ علينا)، هُو اِنتِصارٌ على شَرِّ هذِهِ الدُّنيا.
ولا يَتَغَلّبُ أحَدٌ على أهواءِ هذِهِ الدُّنيا إلاّ أولئكَ الّذينَ آمَنوا بِأنّ سَيِّدَنا عيسى هُو الابنُ الرُّوحيُّ للهِ. فقد كَشَفَ اللهُ لِلنّاسِ أنّ سَيِّدَنا عيسى هُو المَسيحُ المُرتَجَى عِندَما استَحضَرَ الماءَ والدّمَ. ولم يَكشِفْهُ بِالماءِ وَحدَهُ، بل بِالماءِ والدَّمِ. ولنا مِن رُوحِ اللهِ شَهادةٌ على أنّ هذا القَولَ حَقٌّ، لأنّ الرُّوحَ مَنبَعُ الحقِّ.* ربّما يشير الكلام هنا، وبِشَكل مباشر إلى دخول سيدنا عيسى (سلامه علينا) إلى الماء عند تطَهُرّه، وإلى الدّم عند موته، وربّما يعني ذلك أيضا أنّ سيدنا عيسى هو الإنسان الذي سيمنح الماء والدم، ويتطهّر أهلُه من خلالهما ويصبحون جزءا من جماعة الله. ويرى بعض المفسّرين في هذا الكلام تلميحا إلى ما حدث عندما طُعن السيد المسيح في جنبه بحربة على الصليب وعلى إثرها خرج منه دم وماء (أنظر يوحنّا 19: 34). فالشُّهودُ لِحقيقةِ السَّيّدِ المَسيحِ ثلاثةٌ هُم: الرُّوحُ والماءُ والدَّمُّ، وهؤلاءِ الثّلاثةُ مُتَّفِقونَ. تنصّ التوراة على أنّ الحكم في قضيّةٍ ما يتطلّب شاهدين أو ثلاثة (انظر سفر التثنية 17: 6). وربّما أشار يوحنّا هنا بطريقة غير مباشرة إلى أركان هذا الحكم. فإذا قَبِلنا شَهادةَ النّاسِ، فإنّ شَهادةَ اللهِ أعظَمُ مِنها، فقد شَهِدَ اللهُ للمَسيحِ الابنِ الرُّوحيِّ لهُ تَعالى عِندَما أَنزَلَ عليهِ رُوحَهُ مِن السّماءِ، وعِندَما طَهَّرَهُ بِالماءِ، وعِندَما سالَت مِنهُ أزكى الدِّماءِ. 10 فمَن يؤمِنُ بسَيِّدِنا عيسى الابنِ الرُّوحيِّ للهِ، يَعلَمُ في قَلبِهِ صِحّةَ هذِهِ الشَّهادةِ. أمّا مَن لم يُصَدِّق بَلاغَ اللهِ، فقد كَذَّبَ اللهَ سُبحانَهُ، لأنّهُ لم يَقبَلْ شَهادةَ اللهِ عن سَيّدِنا عِيسَى الابنِ الرُّوحيِّ لهُ تَعالى. 11 وشَهادةُ اللهِ هي أنّهُ جَعَلَنا مِن أهلِ الخُلدِ، وأنّنا لن نَبلُغ ذلِكَ إلاّ عن طَريقِ الابنِ الرُّوحيِّ. 12 فمَن اعتَصَمَ بالابنِ الرُّوحيِّ، نالَ دارَ الخُلدِ. ومَن لم يَعتَصِم بالابنِ الرُّوحيِّ، لن يَكونَ مِنَ الخالِدينَ.
ختام
13 أنتُم يا مَن آمَنتُم بسَيّدِنا عِيسى الابنِ الرُّوحيِّ للهِ، إنِّي أكتُبُ إليكُم هذِهِ الرِّسالةَ لِكي تَعرِفوا أنّ اللهَ جَعَلَكُم بِفَضلِهِ مِن الخالِدينَ. 14 ونَحنُ على ثِقةٍ أنّهُ يَستَجيبُ لِدُعائِنا إِن طَلَبنا مِنهُ أيَّ أمرٍ يُرضيهِ، 15 وبِما أنّنا نَعلَمُ أنّهُ يَسمَعُ دُعاءَنا، فنَحنُ على يَقينٍ أنّنا سنَحصُلُ على ما نَطلُبُهُ مِنهُ.
16 إن رأى أحَدٌ مِنكُم أخاهُ المُؤمنَ يَرتَكِبُ خَطيئةً لا تُؤدِّي حَتمًا إلى الهَلاكِ، فيَجِبُ أن يَستَغفِرَ الله لهُ فيَغفِرَ لهُ اللهُ ويَصيرَ مِن أهلِ الخُلدِ. ويَصدُقُ هذا القَولُ على الّذينَ لا تُؤدِّي خَطاياهُم إلى هَلاكِ مُقتَرِفيها. ولكِن هُناكَ خَطيئةٌ تُؤدِّي إلى الهَلاكِ، فلا يُطلبُ الغُفرانُ لِمُرتَكبِيها. يَنتقِد الحواري يوحنّا في هذه الرسالة المعلّمين العرفانيين الّذين رفضوا كلّ القوانين الأخلاقية وأَنكَروا أن يكون سيدنا عيسى (سلامه علينا) كلمةَ الله الأزلية التي صارت بشرا. لذا فإنّ كلام يوحنّا حول الخطيئة التي تؤدّي إلى الهلاك قد يكون إشارة إلى إنكارهم المستمرّ لهذه الحقيقة. 17 فكُلُّ ما يَصدُرُ عنّا بسَبَبِ عَدمِ الإخلاصِ للهِ هُو إثمٌ لا رَيبَ فيهِ، ومَعَ ذلكَ فإنّ اللهَ قد يَصفَحُ عن أهلِ الإثمِ إذا تابوا، فلا يَكونُ الهَلاكُ مَصيرَهُم.
18 وفي الخِتامِ يا إخوتي، يَجِبُ أن نَعلَمَ أنّ أهلَ بَيتِ اللهِ لا يَستَمِرّونَ عَمدًا في ارتِكابِ الخَطايا، فالمَسيحُ الابنُ الرُّوحيُّ للهِ يَحفَظُهُم، ولا يَمَسُّهُم الشَّيطانُ اللَّعينُ. 19 ونَحنُ نَعلَمُ أيضًا أنّنا نَنتَمي إلى اللهِ، وأنّ كُلَّ أهلِ الدُّنيا يَخضَعونَ لطُغيانِ شَرِّ إبليسَ. 20 وأهمُّ ما نَعرِفُهُ هو أنّ السَّيّدَ المَسيحَ الابنَ الرُّوحيَّ للهِ جَاءَ وأَنارَ بَصيرتَنا حَتّى نَتَعَرّفَ على اللهِ الحقِّ، ونَحنُ راسِخونَ في اللهِ الحقِّ، لأنّنا راسِخونَ في المَسيحِ الابنِ الرُّوحيِّ للهِ. إنّهُ تَعالى الإلهُ الحقُّ ومَصدَرُ حياةِ الخالِدينَ. 21 فاحفَظوا يا أولادي الأعِزَّاء، أنفُسَكُم مِن عِبادةِ الأوثانِ.

*الفصل الخامس:6 ربّما يشير الكلام هنا، وبِشَكل مباشر إلى دخول سيدنا عيسى (سلامه علينا) إلى الماء عند تطَهُرّه، وإلى الدّم عند موته، وربّما يعني ذلك أيضا أنّ سيدنا عيسى هو الإنسان الذي سيمنح الماء والدم، ويتطهّر أهلُه من خلالهما ويصبحون جزءا من جماعة الله. ويرى بعض المفسّرين في هذا الكلام تلميحا إلى ما حدث عندما طُعن السيد المسيح في جنبه بحربة على الصليب وعلى إثرها خرج منه دم وماء (أنظر يوحنّا 19: 34).

الفصل الخامس:8 تنصّ التوراة على أنّ الحكم في قضيّةٍ ما يتطلّب شاهدين أو ثلاثة (انظر سفر التثنية 17: 6). وربّما أشار يوحنّا هنا بطريقة غير مباشرة إلى أركان هذا الحكم.

الفصل الخامس:16 يَنتقِد الحواري يوحنّا في هذه الرسالة المعلّمين العرفانيين الّذين رفضوا كلّ القوانين الأخلاقية وأَنكَروا أن يكون سيدنا عيسى (سلامه علينا) كلمةَ الله الأزلية التي صارت بشرا. لذا فإنّ كلام يوحنّا حول الخطيئة التي تؤدّي إلى الهلاك قد يكون إشارة إلى إنكارهم المستمرّ لهذه الحقيقة.