الفصل الثّاني
أنتم أحبار منذورون لله
فاترُكوا إذن كُلَّ شَرٍّ، وكُلَّ مَكرٍ ونِفاقٍ وحَسَدٍ، وكُلَّ افتِراءٍ، وكَما يَتَلَهَّفُ الطِّفلُ الوَليدُ على الحَليبِ، تَلَهّفوا على رِسالةِ اللهِ الطّاهِرةِ، كَي تَنمُوا بها وتَفوزوا بالنَّجاةِ، فقد ذُقتُم الإيمانَ بِسَيّدِنا عيسى، فما أحلى الإيمانَ بِهِ (سلامُهُ علينا).* يلمّح الحواري بطرس هنا إلى ما ورد في كتاب الزبور، مزمور 34: 8.
فأَحيطوا بسَيِّدِنا الّذِي اختارَهُ اللهُ ورَفَضَهُ الضّالّونَ. إنّهُ عِندَ اللهِ كَريمٌ، إنّهُ الحَجَرُ الأساسُ الحيُّ لبَيتِهِ تَعالى، وأنتُم أيضًا كالحِجارةِ الحَيّةِ مِن مَعدَنٍ ثَمينٍ، لِبِناءِ بَيتِ اللهِ الرُّوحانيِّ. لا تُوضَعونَ في الدُّنيا، وإنّما في عِلِّيِّين، لتَكونوا أحبارًا مَنذورينَ لهُ، تُقَدِّمونَ إليهِ قَرابينَ رُوحانيّة يَتَقَبَّلُها اللهُ بشَفاعةِ عيسى المَسيحِ. فقد أوحَى اللهُ في كِتابِ النَّبيِّ أشعيا (عليه السّلام): “ها أنا في القُدسِ أَضَعُ حَجَرًا كَريمًا، هو حَجَرُ الزّاويَةِ لبَيتِ اللهِ، ولا يَخيبُ كُلُّ مَن وَثِقَ بِهِ”. انظر كتاب النبي أشعيا 28: 16. إنّ حجر الزاوية هو حجر الأساس في البناية، لأنّه يحدّد تصميمها واتجاهها. وإنّ هذا الحَجَرَ كَريمٌ بالنِّسبةِ إليكُم أيُّها المُؤمِنونَ، أمّا عِندَ غَيرِ المُؤمِنينَ، فهو كَما وَرَدَ في كِتابِ الزَّبورِ: “الحَجَرُ الّذي رَفَضَهُ البُناةُ صارَ حَجَرَ الأساسِ في بَيتِ اللهِ”. ويَقولُ أيضًا إنّهُ: “حَجَرٌ يَجعَلُ النّاسَ يَتَعَثَّرونَ، وهو صَخرةٌ تَجعَلُهُم يَسقُطونَ”. وهُم يَتَعَثّرونَ لأنّهُم لم يُطيعوا كَلِمةَ اللهِ. وهكذا يُواجِهونَ مَصيرَهُمُ المَحتومَ.
المختارون مِن الله
أمّا أنتُم فإنّكُم جَماعةٌ اختارَها اللهُ، أحبارٌ للمَلِكِ العَظيمِ، أُمَّةٌ مِنَ المَنذورينَ، خَصَّهُم لذاتِهِ حتّى تَرفَعوا ذِكرَهُ بَينَ النّاسِ، لأنّهُ أخرَجَكُم مِن ظُلُماتِ الشَّرِّ إلى نورِهِ الباهِرِ. أمَرَ الله النبيَّ موسى في التوراة أن يبلّغ بني يعقوب بأن يَكُونوا “أُمّة الله المنذورة”، وأن يَقوموا على خدمته كـ “أحبار” (انظر سفر الخروج 19: 6). وقد أشار الحواري بطرس بهذا المصطلح إلى أتباع السيد المسيح، مُبرِزا أنّ أمّة الله تتألّف ممّن آمن بسيدنا عيسى من جميع الأمم. 10 ولم تَكونوا مِن أُمّةِ اللهِ سابِقًا، أمّا اليَومَ فقد صِرتُم مِن أُمّتِهِ تَعالى. وكُنتُم لا تَتَمَتِّعُونَ بِرَحمتِهِ تَعالى، أمّا الآن فأنتُم تَتَمَتِّعونَ بها.§ انظر كتاب النبي هوشع (1: 10) و(2: 23). قصَدَ الله بهذه العبارة أن يُلغِي إدانته لبني يعقوب التي أوحى بها إلى النبي هوشع. ووعد الله كذلك أن يُجدّد أمّتَه في أواخر أيام هذه الدنيا. ويعتقد بطرس مثلما اعتقد الحواري بولس أنّ غير اليهود الذين يؤمنون بالسيد المسيح سيَدخلون في صفوف الأُمّة المتجدّدة التي جاء ذكرُها هنا. (انظر أيضا رسالة روما 9: 24 – 26).
11 يا أحِبّائي، إنّكُم في هذِهِ الدُّنيا مُغتَرِبونَ عابِرونَ، فأرجو مِنكُم أن تَبتَعِدوا عن أهواءِ النَّفسِ الّتي تُدَمِّرُ حَياتَكُم. 12 ولتَكُنْ سِيرَتُكُم حَسَنةً بَينَ غَيرِ المُؤمِنينَ. فَمَعَ أنّ هؤلاءِ يَفتَرونَ عليكُم، ويَعتَبِرونَكُم أشرارًا، فإنّهُم يُراقِبونَ أعمالَكُم الصّالِحةَ. فإذا اهتَدَوْا بِها إلى الإيمانِ، فسيَرفَعونَ شأنَ اللهِ يَومَ الدِّينِ.
الخضوع للسّلطات
13 اِحتَرِموا كُلَّ سُلطةٍ بَشَرِيّةٍ لأجلِ سَيِّدِنا عيسى: اِحتَرِموا المَلِكَ لأنّهُ الحاكِمُ الأعلى، 14 والوُلاةَ لأنّهُم مُفَوَّضونَ مِنهُ لمُعاقَبةِ الأشرارِ ومُكافَأَةِ الأبرارِ. 15 إنّ اللهَ يُريدُكُم أن تَفعَلوا الخَيرَ فتُفحِموا الأغبياءَ الّذينَ يُوَجِّهونَ إليكُم تُهَمًا سَخيفةً. 16 لقد حَرَّرَكُم اللهُ، ولكن لا تَكونوا كَمَن يَجعَلُ الحُرّيّةَ سِتارًا للشَّرِّ، فأنتُم عِبادُ اللهِ المُكرَمونَ. 17 اِحترِموا جَميعَ النّاسِ، وأحِبُّوا إخوتَكُم في الإيمانِ، واتّقوا اللهَ، وأكرِموا المَلِكَ.
18 أيُّها العَبيدُ، اِحتَرِموا مَكانةَ أسيادِكُم بكُلِّ هَيبةٍ، سَواءٌ كانوا قُساةً ظالِمينَ أم لُطَفاءَ صالِحينَ. 19 إنّ الّذينَ يَحتَمِلونَ الألمَ وقَسوةَ الظُّلمِ في سَبيلِ اللهِ، يَنالونَ مَرضاتَهُ تَعالى. 20 فإذا أنتُم أخطَأتم، وعُوقِبتُم وضُرِبتُم، وتَحَمَّلتُم كُلَّ ذلِكَ، فأيُّ أجرٍ تَنتَظِرونَ على هذا؟ أمّا إذا تألّمتُم وتَحَمَّلتُم الألمَ رَغمَ أفعالِكُم الخَيّرةِ، فاللهُ سيَرضى عنكُم. 21 يا إخوتي، إنّ اللهَ دَعاكُم لِهذا السُّلُوكِ القَويمِ، لأنّ السَّيِّدَ المَسيحَ تَحَمَّلَ الآلامَ مِن أجلِكُم، وفي سَبيلِكُم جَعَلَ مِن نَفسِهِ قُدوةً حَتّى تَكونوا على خُطاهُ سائرينَ. 22 ووَرَدَ في كِتابِ النَّبيِّ أشعيا: “ما ارتَكَبَ خَطيئةً، وما كانَ أبَدًا مِن الماكِرينَ”. 23 لقد شَتَموهُ ولكنّهُ لم يَرُدَّ بِالشَّتيمةِ، وعَذّبوهُ فلم يُهَدِّدْهُم بالانتِقامِ، بل أسلَمَ أمرَهُ لله الّذي يَحكُمُ بالعَدلِ. 24 حَمَلَ ذُنوبَنا في جِسمِهِ على الصَّليبِ، لِكَي نَنقَطِعَ عنِ ارتِكابِ الذُّنوبِ ونَحيا لمَرضاةِ اللهِ. وبجِراحِهِ أصبَحَت حَياتُكُم سَليمةً. 25 لقد كُنتُم تائهينَ ضالِّينَ كالغَنَمِ، فاهتَدَيتُمُ الآنَ إلى سَيِّدِنا، راعي نُفُوسِكُم وحارِسِها الكَريمِ.* جاء في كتابات الأنبياء الأوّلين وفي كتابات أخرى في الشرق القديم أنّ مصطلح “الرّاعي” يُستَعمل في كثير من الأحيان للإشارة إلى الملوك والحكام. أمّا هنا فالمعنى المقصود هو المسيح الملك (سلامه علينا).

*الفصل الثّاني:3 يلمّح الحواري بطرس هنا إلى ما ورد في كتاب الزبور، مزمور 34: 8.

الفصل الثّاني:6 انظر كتاب النبي أشعيا 28: 16. إنّ حجر الزاوية هو حجر الأساس في البناية، لأنّه يحدّد تصميمها واتجاهها.

الفصل الثّاني:9 أمَرَ الله النبيَّ موسى في التوراة أن يبلّغ بني يعقوب بأن يَكُونوا “أُمّة الله المنذورة”، وأن يَقوموا على خدمته كـ “أحبار” (انظر سفر الخروج 19: 6). وقد أشار الحواري بطرس بهذا المصطلح إلى أتباع السيد المسيح، مُبرِزا أنّ أمّة الله تتألّف ممّن آمن بسيدنا عيسى من جميع الأمم.

§الفصل الثّاني:10 انظر كتاب النبي هوشع (1: 10) و(2: 23). قصَدَ الله بهذه العبارة أن يُلغِي إدانته لبني يعقوب التي أوحى بها إلى النبي هوشع. ووعد الله كذلك أن يُجدّد أمّتَه في أواخر أيام هذه الدنيا. ويعتقد بطرس مثلما اعتقد الحواري بولس أنّ غير اليهود الذين يؤمنون بالسيد المسيح سيَدخلون في صفوف الأُمّة المتجدّدة التي جاء ذكرُها هنا. (انظر أيضا رسالة روما 9: 24 – 26).

*الفصل الثّاني:25 جاء في كتابات الأنبياء الأوّلين وفي كتابات أخرى في الشرق القديم أنّ مصطلح “الرّاعي” يُستَعمل في كثير من الأحيان للإشارة إلى الملوك والحكام. أمّا هنا فالمعنى المقصود هو المسيح الملك (سلامه علينا).