الفصل السّادس
دعاوى المؤمنين أمام القضاة الوثنيين
إن كانَ لأحَدِكُم شَكوى ضِدَّ أخيهِ، فهل يَجرؤُ أن يُعرِضَ أمرَهُ أمامَ قاضٍ وَثَنيّ؟ ويُعْرِضَ عن القُضاةِ المؤمنينَ؟* ربّما يشير الحواري بولس هنا إلى قضايا متعلّقة بالنزاع حول الملكية، لا إلى دعاوٍ جنائية. وقد كان الرومان يسمحون لليهود بتطبيق قانونهم الخاص فيما يتعلّق بأمور الملكية. ولأن السلطات الرومانية في تلك الفترة لم تكن تميّز بَعْدُ بين اليهود وأتباع السيد المسيح فقد امتدّ هذا الحق إلى أتباع المسيح، فكان عليهم أن يفصلوا بأنفسهم في النـزاعات الخاصّة بهم. وإن عَلِمتُم أنّ المؤمنينَ سيَكونونَ قُضاةٌ على العالَمينَ وأنّ كُلَّ النّاسِ إلى حُكمِكُم راجِعونَ، فاعلَموا أنّكُم قادِرونَ على الحُكمِ في القَضايا البَسيطةِ بَينَكُم! قارن هذا القول بما جاء في رسالة تيموتاوي الثانية ، 2: 12، حيث تقول إنّ المؤمنين بالسيد المسيح سيكونون ملوكًا بأمره وسيحكمون بين الناس. ألا تَعلَمونَ أنّنا سنَكونَ حُكّامًا على كائناتِ الغَيبِ كُلِّها؟ فالأَوْلى بنا أن نَحكُمَ في قَضايا هذِهِ الحَياةِ. قد تكون إدانة كائنات الغيب والحكم عليهم إشارة إلى أن بعض الملائكة العصاة يتمّ تقييدهم لأجل إدانتهم والحكم عليهم (انظر رسالة صخر الثانية، 2: 4)، وسيشارك المؤمنون في ذلك. فإن حَدَثَ بَينَكُم في أُمورِ الحَياةِ خِلافٌ، فهل تَعرِضونَهُ على قُضاةٍ أغرابٍ لا يَحتَرِمُهم المؤمنونَ؟ يا لِلعارِ! ألَيسَ فيكُم رَجُلٌ حَكيمٌ، يَنظُرُ في نِزاعات المؤمنينَ؟ أيُقاضي الأخُ أخاهُ عِندَ الوَثنيِّينَ؟!
ثُمّ كَيفَ تَرتَضونَ أن يُقاضيَ بَعضُكم بَعضًا، هذا عَيبٌ ثَقيلٌ! ألَيسَ خَيرًا لكُم أن تَكونوا مَظلومينَ أو مَسلوبينَ؟ ألَيسَ هذا أفضَلَ؟ بَدَلَ أن تَكونوا لإخوانِكُم ظالِمينَ سالِبينَ! وإنّكُم لَتعلَمونَ أن الأشرارَ مُبعَدونَ عن مَملَكةِ اللهِ. فلا تَنخَدِعوا: لا الفاسِقونَ، ولا عَبَدةُ الأصنامِ، ولا الفُجّارُ، ولا أهلُ الشُّذوذِ الجِنسيّ، 10 ولا السّارِقونَ، ولا الطّمّاعونَ، ولا السَّكّيرونَ، ولا الشَّتّامونَ، ولا السّالِبونَ لهُم نَصيبٌ في المَملَكةِ الرَّبّانيّةِ! 11 ولقد كانَ بَعضُكُم مِثل هؤلاءِ فيما مَضى، لكنّ اللهَ طَهَّرَكم عِندَما آمَنتُم بالسَّيِّدِ المَسيحِ. إنّ اللهَ اختارَكُم وجَعَلَكُم مِن عِبادِهِ الصّالِحينَ بفَضلِ سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ ورُوحِ اللهِ تَعالى.
ارفعوا من شأن ربّكم بتصرُّفاتكم
12 إنّ مِن بَينِكُم مَن يَزعُمُ قائلاً: “أنا تَحَرَّرتُ بفَضلِ الحقِّ”، وأنا أقولُ لكُم: بل ما كُلُّ شَيءٍ يَنفَعُ. وإنّكُم لَتَزعُمونَ أنّ “كُلَّ شَيءٍ يَحِلُّ لي”، ولكنّي ما كُنتُ راضيًا أن يَستَعبِدَني أيُّ شَيءٍ. 13 ويَقولُ بَعضُكم أيضًا: “الطّعامُ للبَطنِ والبَطنُ للطَّعامِ، واللهُ سيُبيدُ كُلاًّ مِنهُما”. ولكنّ الجِسمَ لَيسَ أداةً للفاحِشةِ، بل لخِدمةِ سَيِّدِنا عيسى، الّذي افتَدى أجسادَنا.§ تدلّ العبارة اليونانية المألوفة “الطعامُ للبطن، والبطن للطعام” على أنّ الجسد للجنس والجنس للجسد. وكان اليونانيون يعتقدون أن جسد الإنسان يتلاشى عند الموت ولا يبقى منه سوى الروح. لهذا السبب كانوا يسخرون من عقيدة بعث أجساد الأموات لدى اليهود وأتباع السيد المسيح. وقد أثّر هذا الاعتقاد اليوناني في أتباع المسيح من أهل كورنتوس، فكانوا يعتقدون أنّ الروح هي أهمّ ما يميّز الإنسان عند الله، أمّا الجسد فيمكن للإنسان أن يفعل به ما يشاء بما في ذلك الاستسلام للشهوات الجنسية. 14 وإنّ اللهَ الّذي أقامَ السَّيِّدَ المَسيحَ حيًّا مِن المَوتِ، سيُقيمُنا نَحنُ أيضًا أحياءَ بقُدرتِهِ.
15 ألا تَعلَمونَ أنّ أجسامَكُم بمَثابةِ أعضاءٍ في جِسمِ السَّيِّدِ المَسيحِ؟ فهل تَرونَني على صَوابٍ، إن أنا جَمَعتُ - لا سَمَحَ اللهُ - بَينَ أعضاءِ المَسيحِ وامرأةٍ عاهِرةٍ فاجِرةٍ؟ 16 لأنّكُم تَعلَمونَ أنَّ مَن يُواقِعُ عاهِرًا، يَصيرُ مَعَها جَسَدًا واحِدًا. لأنّ التَّوراةَ تَقولُ عن مُعاشَرةِ الرَّجُلِ امرأتَهُ: “يَصيرُ الاثنانِ واحِدًا”.* يبيّن بولس أنّ العلاقات الجنسية لا تتمّ إلاّ في إطار الزواج مستشهدًا على ذلك من التوراة، سفر التكوين، 2: 24. 17 أمّا مَن يَنضَمُّ إلى السَّيِّدِ المَسيحِ، فيَتَّحِدُ مَعَهُ بالرُّوحِ.
18 فاجتَنِبوا الفَحشاءَ! واعلَموا أنّ ما مِن خَطيئةٍ تُصيبُ جِسمَ الإنسانِ مِثلَ هذِهِ الخَطيئةِ، لأنّ الفَحشاءَ ذَنبُها في حقِّ الجِسمِ. 19 ألا تَعلَمونَ أنّ اللهَ جَعَلَ رُوحَهُ المُقَدَّسةَ في قُلوبِكُم؟ أفلا تُصبِحُ أجسادُكُم بذلِكَ بَيتَ اللهِ؟! ما أنتُم لأنفُسِكُم مالِكينَ، 20 بل قَدَّمَ اللهُ ثَمَنًا باهِظًا حينَ افتَداكُم بتَضحيةِ سَيِّدِنا عيسى، فارفَعوا شأنَهُ تَعالى بحِفاظِكُم على أجسادِكُم.

*الفصل السّادس:1 ربّما يشير الحواري بولس هنا إلى قضايا متعلّقة بالنزاع حول الملكية، لا إلى دعاوٍ جنائية. وقد كان الرومان يسمحون لليهود بتطبيق قانونهم الخاص فيما يتعلّق بأمور الملكية. ولأن السلطات الرومانية في تلك الفترة لم تكن تميّز بَعْدُ بين اليهود وأتباع السيد المسيح فقد امتدّ هذا الحق إلى أتباع المسيح، فكان عليهم أن يفصلوا بأنفسهم في النـزاعات الخاصّة بهم.

الفصل السّادس:2 قارن هذا القول بما جاء في رسالة تيموتاوي الثانية ، 2: 12، حيث تقول إنّ المؤمنين بالسيد المسيح سيكونون ملوكًا بأمره وسيحكمون بين الناس.

الفصل السّادس:3 قد تكون إدانة كائنات الغيب والحكم عليهم إشارة إلى أن بعض الملائكة العصاة يتمّ تقييدهم لأجل إدانتهم والحكم عليهم (انظر رسالة صخر الثانية، 2: 4)، وسيشارك المؤمنون في ذلك.

§الفصل السّادس:13 تدلّ العبارة اليونانية المألوفة “الطعامُ للبطن، والبطن للطعام” على أنّ الجسد للجنس والجنس للجسد. وكان اليونانيون يعتقدون أن جسد الإنسان يتلاشى عند الموت ولا يبقى منه سوى الروح. لهذا السبب كانوا يسخرون من عقيدة بعث أجساد الأموات لدى اليهود وأتباع السيد المسيح. وقد أثّر هذا الاعتقاد اليوناني في أتباع المسيح من أهل كورنتوس، فكانوا يعتقدون أنّ الروح هي أهمّ ما يميّز الإنسان عند الله، أمّا الجسد فيمكن للإنسان أن يفعل به ما يشاء بما في ذلك الاستسلام للشهوات الجنسية.

*الفصل السّادس:16 يبيّن بولس أنّ العلاقات الجنسية لا تتمّ إلاّ في إطار الزواج مستشهدًا على ذلك من التوراة، سفر التكوين، 2: 24.