الفصل الثّامن
أهميّة السّخاء
يا إخوَتي، أُريدُ أن أُخبِرَكُم عن جَماعاتِ المُؤمنينَ في مَقدونِيا،* هذه الجماعات من المؤمنين في مقدونيا كانت هي الجماعات نفسها التي كوّنها الحواري بولُس من قبل في مدن فيليبي، تسالونكي، وربما بيرية. (انظر كتاب سيرة الحواريين، 16: 12 إلى 17: 13). وكَيفَ أنعَمَ اللهُ عليهِم بفَضلِهِ فكانوا مُتَفَوِّقينَ في العَطاءِ رَغمَ المُعاناةِ الشَّديدةِ الّتي وَقَعوا فيها، وما كَسَرَ الفَقرُ المُدقِعُ نُفوسَهُم بل فَرِحوا فرَحًا عَظيمًا وساعَدوا المُحتاجينَ بسَخاءٍ عَظيمٍ. وإنّي أشهَدُ أنّهُم تَبَرَّعوا قَدرَ طاقتِهِم ويَزيدُ! وقاموا بذلِكَ مِن تِلقاءِ أنفُسِهِم، ولقد طَلَبوا مِنّا بإلحاحٍ أن يَحظَوا بشَرَفِ إعانةِ المؤمنينَ المُحتاجينَ في القُدسِ. وفي إقبالِهِم على هذا المَعروفِ تَجاوَزوا كُلَّ تَوَقُّعاتِنا. وكانوا في ذلِكَ يُطيعونَ السّيِّدَ المَسيحَ أوَّلاً ويَطيعونَنا ثانيًا، وَفقَ ما يُرضي اللهَ. وهذا ما دَفَعَني أن أشُدِّدَ على الأخِ تيتوسَ كان تِيتوسُ مؤمنا بسيدنا عيسى، ولم يكن من بني يعقوب بل كان من اليونانيين، وعمل مباشرةً مع الحواري بولُس ورافقه سابقا في رحلته إلى القدس. (انظر رسالة غلاطية 2: 1‏-3). أن يَختِمَ هذا العَمَلَ الخَيرِيَّ بَينَكُم الّذي بَدأَهُ سابِقًا. إنّي أشهَدُ أنّكُم سَبّاقونَ إلى أعمالِ الخَيرِ بمُختَلِفِ طُرُقِهِ: في الإيمانِ والفَصاحَةِ والمَعرِفةِ وتَحَمُّسِكُم لمَرضاةِ اللهِ، ومَحبَّتِكم لنا. ورَجائي أن تَتَفَوَّقوا في هذا العَمَلِ الخَيريِّ أيضًا.
ولا أطلُبُ مِنكُم هذا على سَبيلِ الأمرِ، بل أخبَرتُكُم عن حَماسِ المؤمنينَ الآخَرينَ، حتّى أُشَجِّعَكُم على إثباتِ صِدقِ مَحبَّتِكُم، وإنّكُم لتَعرِفونَ فَضلَ سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ، وكَيفَ افتَقَرَ مِن أجلِكُم وهو الغَنِيُّ، لتَغتَنوا بفَقرِهِ بفَضلِ اللهِ.
10 يا إخواني، دَعوني أنصَحُكُم في جَمعِكُم للتَّبَرُّعاتِ: لقد كُنتُم في السَّنةِ الماضيَةِ أوَّلَ السّاعينَ لتَقديمِ المُساعَدةِ، وكُنتُم أوَّلَ مَن قدَّمَها، 11 فأتِمّوا ما بَدأتُموهُ خَيرٌ لكُم، وليَتَناسَبْ حَماسُكُم مُنذُ البِدايةِ مَعَ تَنفيذِكُم لهذا العَطاءِ، واجعَلوا ذلِكَ على قَدرِ طاقَتِكُم. 12 واللهُ يَقبَلُ كُلَّ ما تُقَدِّمونَهُ بحَماسٍ وحَسَبَ إمكانيَّاتِكُم، لأنّهُ تَعالى لا يُكَلِّفُكُم ما لا تَملِكونَهُ. 13 ولا أعني أن أدفَعَكُم في العَطاءِ إلى الضّيقِ لتَجعَلوا غَيرَكُم في رَخاءٍ، بل المُساواةُ بَينَكُم هي هَدَفي، 14 فأنتمُ اليَومَ في رَخاءٍ، وتَستَطيعونَ إعانَتَهُم في سَدِّ حاجياتِهِم، عَسى أن تَعوَزوا يومًا فيُقبِلونَ عليكُم بكُلِّ خَيرٍ، وهكذا تَكتَمِلُ المُعادَلةُ، 15 وهذا ما قالَهُ اللهُ في التّوراةِ: “الّذي جَمَعَ كَثيرًا لم يَفضُلْ عَنهُ شَيءٌ، والّذي جَمَعَ قَليلاً لم يَنقُصْهُ شَيءٌ”. يقتبس بولُس هنا من التوراة، سفر الخروج، 16: 18، الذي يصف كيف جمع بنو يعقوب المنّ الذي رزقهم الله إياه كغذاء لهم في الصحراء.
تيتوس ورفيقاه في الدّعوة
16 الحَمدُ للهِ الّذي جَعَلَ في قَلبِ تيتوسَ الاهتِمامَ نَفسَهُ الّذي أملِكُهُ تُجاهَكُم. 17 فلَمّا طَلَبنا مِنهُ أن يَزورَكُم، رَحَّبَ بالطَّلبِ، وإنّهُ لمُقبِلٌ عليكُم مِن تِلقاءِ نَفسِهِ في حَماسٍ كَبيرٍ. 18 وأرسَلنا مَعَهُ أخًا آخَرَ مَدَحَتْ كُلُّ جَماعاتِ المؤمنينَ عَمَلَهُ في نَشرِ البُشرى بالسّيِّدِ المَسيحِ، 19 ولقد اختارَهُ المؤمنونَ حتّى يَكونَ لنا رَفيقًا في السَّفرِ إلى القُدسِ لحَمْلِ هذِهِ التَّبَرُّعاتِ إلى مُستَحِقّيها، وبذلِكَ نَرفَعُ شأنَ سَيِّدِنا ونُبَرهِنُ على استِعدادِنا لإعانَتِهِم. 20 وقد رأينا أن يُرافِقَنا هذا الأخُ وتيتوسُ في السَّفرِ لِكَي نَتَجَنَّبَ اتّهامَ أحَدٍ لنا بالاختِلاسِ مِن هذِهِ المَبالِغِ الكَبيرةِ. 21 لأنّنا نَسعى دائمًا للنَّزاهَةِ والعِفَّةِ أمامَ اللهِ، ونَرغَبُ في تَوضيحِ نَزاهَتِنا أمامَ النّاسِ أيضًا.
22 ولقد أرسَلنا مَعَهُما أحَدَ إخوتِنا الّذي أثبَتَ لنا أمانَتَهُ واجتِهادَهُ في أُمورٍ كَثيرةٍ، وها هو الآنَ مُتَحَمِّسٌ أكثَرَ لمُساعَدتِكُم في جَمْعِ التَّبَرُّعاتِ لأنَّهُ على ثِقةٍ كَبيرةٍ أنّكُم ستُسانِدونَهُ في هذا المَشروعِ. 23 إن سَأَلَكُم أحَدٌ عن تيتوسَ، فأَجيبوهُ إنّهُ رَفيقي ومُساعِدي في الدَّعوةِ بَينَكُم، أمّا الأخوانِ اللَّذان سيُرافِقانِهِ، فيُمثِّلانِ جَماعاتِ المؤمنينَ، فيَرفَعانِ شأنَ السّيِّدِ المَسيحِ.§ اختار اليهود الذين يعيشون في الشتات ممثّلين للجاليات اليهودية المحليّة كل سنة للسفر إلى القدس لتسليم الضريبة لبيت الله، وكان العرف يشترط استقبال المبعوثين بكل احترام وإكرام. كان بولس يتّبع عادةً مشابِهةً لهذا العرف، حين شجّع جماعات المؤمنين بالمسيح بتفويض ممثِّلين لهم كي يحملوا المساعدات للمؤمنين الفقراء في القدس. وكان الأخ تِيتوسُ يمثّل بولُس في المجموعة، لذا كان من الواجب استقبال تيتوس بكل حفاوة وترحيب كما يُستَقْبَلُ بولس. بما أنّ هؤلاء الممثّلين قد وقع اختيارهم من بين جماعات المؤمنين كلها، فإن الكورِنتيين لا يستطيعون القول أنّهم كانوا أزلام بولُس يعملون معه على سرقة أموالهم. 24 فرَحِّبوا بِهِم جَميعًا وأظهِروا لهُم مَحبَّتَكُم، حتّى تَعلَمَ كُلُّ جَماعاتِ المؤمنينَ أنّنا على حَقٍّ بافتِخارِنا بكُم.

*الفصل الثّامن:1 هذه الجماعات من المؤمنين في مقدونيا كانت هي الجماعات نفسها التي كوّنها الحواري بولُس من قبل في مدن فيليبي، تسالونكي، وربما بيرية. (انظر كتاب سيرة الحواريين، 16: 12 إلى 17: 13).

الفصل الثّامن:6 كان تِيتوسُ مؤمنا بسيدنا عيسى، ولم يكن من بني يعقوب بل كان من اليونانيين، وعمل مباشرةً مع الحواري بولُس ورافقه سابقا في رحلته إلى القدس. (انظر رسالة غلاطية 2: 1‏-3).

الفصل الثّامن:15 يقتبس بولُس هنا من التوراة، سفر الخروج، 16: 18، الذي يصف كيف جمع بنو يعقوب المنّ الذي رزقهم الله إياه كغذاء لهم في الصحراء.

§الفصل الثّامن:23 اختار اليهود الذين يعيشون في الشتات ممثّلين للجاليات اليهودية المحليّة كل سنة للسفر إلى القدس لتسليم الضريبة لبيت الله، وكان العرف يشترط استقبال المبعوثين بكل احترام وإكرام. كان بولس يتّبع عادةً مشابِهةً لهذا العرف، حين شجّع جماعات المؤمنين بالمسيح بتفويض ممثِّلين لهم كي يحملوا المساعدات للمؤمنين الفقراء في القدس. وكان الأخ تِيتوسُ يمثّل بولُس في المجموعة، لذا كان من الواجب استقبال تيتوس بكل حفاوة وترحيب كما يُستَقْبَلُ بولس. بما أنّ هؤلاء الممثّلين قد وقع اختيارهم من بين جماعات المؤمنين كلها، فإن الكورِنتيين لا يستطيعون القول أنّهم كانوا أزلام بولُس يعملون معه على سرقة أموالهم.