الفصل الثّالث
الأيّام الأخيرة لهذه الدّنيا
واذكُر، أيُّها الحَبيبُ، أنّهُ ستَمُرُّ على النّاسِ أوقاتٌ عَسيرةٌ في آخَرِ أيّامِ هذِهِ الدُّنيا، فيُصبِحُ النّاسُ أنانيّينَ، مُتَهافِتينَ على المالِ، مُتَكَبِّرينَ، شَتّامينَ، لا يُطيعونَ والِديهِم، ناكِرينَ للجَميلِ، فاسِقينَ، وتَنعَدِمُ الشَّفَقةُ والرَّحمةُ مِن قُلوبِهِم، فيَفتَرونَ على غَيرِهِم وتَجمَحُ بِهِم الأهواءُ، فيُعادونَ الخَيرَ بكُلِّ شَراسةٍ، خائنينَ، طائِشينَ، تَنتَفِخُ صُدورُهُم تَكَبُّرًا، ويُفَضِّلونَ المَلَذّات على اللهِ، ويَتَمَسَّكونَ بقُشورِ التَّقوى، ويُرفُضونَ جَوهرَها، فانأى عن هَؤلاءِ النّاسِ جَميعًا. فبَعضُهُم يَتَسَلَّلُ إلى البُيوتِ ويُوقِعُ النِّساءَ الضَّعيفاتِ المُثقَلاتِ بالخَطايا في حَبائلِهِ، فتَنقَدنَ إلى الشَّهَواتِ بِكُلِّ أنواعِها بالاستِماعِ المُتَواصِلِ إلى تَعاليمَ دِينيّةٍ جَديدةٍ في حينَ أنّهُنَّ عاجِزات عن تَمييزِ الحَقِّ مِن الباطِلِ. وكَما عارَضَ السّاحِرانِ يَنّيسُ ويَمْبِريسُ النَّبيَّ موسى في القَديمِ، يُعارِضُ هَؤلاءِ الدُّعاةُ الدَّجّالونَ الحَقَّ بعُقولِهِم الفاسِدةِ، وهكذا يَكونُ إيمانُهُم مُزَيَّفًا.* يقارن بولس خصومه بـ “ينيس” و“يمبريس”، السّاحرين المصريّين اللّذين واجها النّبي موسى، كما ورد في بعض القصص اليهوديّة. ولكِنّهُم لن يَصِلوا إلى مُرادِهِم، فحَماقتُهُم ستَنكَشِفُ كَما انكَشَفَت حَماقةُ يَنّيسَ ويَمْبِريسَ للنّاسِ جَميعًا.
الابتلاء والثّبات في الإيمان
10 أمّا أنتَ فإنّكَ على عِلمٍ بتَعليمي وسِيرَتي ومَقاصِدي وإيماني وصَبري ومَحَبّتي وثَباتي. 11 فأنتَ تَعرِفُ كَيفَ اضطَهَدني غَيرُ المؤمنينَ في مُقاطَعةِ غَلاطية، حَيثُ حَلَّ بي البَلاءُ المُبينُ في بَلداتِ أنْطاكيةَ وإيقونيةَ ولِسْتِرةَ، ولكِنّ مَولاي أنقَذَني مِن كُلِّ ذلِكَ فنَجَوتُ. ذُكرت هنا بلدة أنطاكيا التي تقع في إقليم بيسيديّة (انظر سيرة الحواريين 13: 14‏-52) حيث وُفق بولس وبرنابا في دعوة النّاس إلى الإيمان برسالة سيّدنا عيسى (سلامُهُ علينا). وجاء ذكر عمل بولس في كلّ من إقونية ولسترة في سيرة الحواريّين (أي أعمال الرسل) 14: 1 – 20. ويمكن أن يكون تيموتاوي قد سمع عن معاناة بولس في لسترة لأنّه كان من تلك المنطقة. 12 فكُلُّ مَن يَسعى إلى العَيشِ بتَقوى كَمُؤمِنٍ بِسَيِّدِنا عيسـى المَسيحِ يَلقى الاضطِهادَ أيضًا. 13 أمّا أهلُ الشَّرِّ والدَّجّالونَ، فيَزدادُ شَرُّهُم وهُم الخادِعونَ المُنخَدِعونَ. 14 وأمّا أنتَ فاثبُتْ على التَّعاليمِ الّتي تَلَقَّيتَها مِنّا وتَيَقَّنتَ مِنها، لأنّكَ تَثِقُ بِالذّينَ أرشدوكَ، 15 فمُنذُ صِغَرِكَ اطَّلَعتَ على الكُتُبِ السَّماويّةِ المُقَدَّسةِ، فهي تَجعَلُ المُؤمِنَ حَكيمًا ليَنالَ النَّجاةَ بِإيمانِهِ بِسَيِّدِنا عيسـى المَسيحِ. 16 فهذِهِ الكُتُبُ كُلُّها وَحيٌ مِن اللهِ، تُفيدُ في التَّعليمِ وفي رَدِّ الضَّلالِ وفي تَصحيحِ الخَطإ وفي الإرشادِ إلى ما يُرضي اللهَ، 17 وبالإيمانِ بهذِهِ الكُتُبِ يَكونُ المؤمنُ التَّقيُّ الصّالِحُ مُؤهَّلاً لِلقِيامِ بِكُلِّ الأعمالِ الصّالِحةِ.

*الفصل الثّالث:8 يقارن بولس خصومه بـ “ينيس” و“يمبريس”، السّاحرين المصريّين اللّذين واجها النّبي موسى، كما ورد في بعض القصص اليهوديّة.

الفصل الثّالث:11 ذُكرت هنا بلدة أنطاكيا التي تقع في إقليم بيسيديّة (انظر سيرة الحواريين 13: 14‏-52) حيث وُفق بولس وبرنابا في دعوة النّاس إلى الإيمان برسالة سيّدنا عيسى (سلامُهُ علينا). وجاء ذكر عمل بولس في كلّ من إقونية ولسترة في سيرة الحواريّين (أي أعمال الرسل) 14: 1 – 20. ويمكن أن يكون تيموتاوي قد سمع عن معاناة بولس في لسترة لأنّه كان من تلك المنطقة.