الفصل الثّالث عشر
وصايا أخيرة
اِستَمِرّوا في مَحَبّةِ بَعضِكُم بَعضًا، إخوَةً في اللهِ. ولا تَغفَلوا عن ضِيافةِ الغُرَباءِ، فقد استَضافَ بَعضُ الأنبياءِ مَلائكةً وهُم لا يَدرونَ.* تشير كتب الأنبياء القدامى إلى أنّ الملائكة تَظهر للناس على هيئة إنسان، فيعتقدون للوهلة الأولى أنّهم بشر، كما حدث مع النبي إبراهيم وغيره من الآباء الأوّلين (انظر التوراة، سفر التكوين، الفصل 18). واعتَنوا دائمًا بالأَسرى السُّجَناء، كَأنّكُم أسرى مَعَهُم، وسانَدوا المَظلومينَ، كَأنَّما أنتمُ المَظلومونَ.
حافِظوا على كَرامةِ الزَّواجِ، وابتَعِدوا عن النَّجاسةِ، وأخلِصوا لِزَوجاتِكُم، إنَّ اللهَ يُنزِلُ عِقابَهُ على الزُّناةِ والفاسِقينَ. طَهِّروا قُلوبَكُم مِن حُبِّ المالِ، واقتَنِعوا بِما أعطاكمُ اللهُ. فقد أَوحى تَعالى في الكِتابِ: “ما أَنا بِمُهمِلِكَ، وما أنا بتارِكِكَ”. يلمِّح الكاتب هنا إلى التوراة، سفر التثنية 31: 6، 8. ونُرَدِّدُ كذلِكَ ما جاءَ في الزَّبورِ بِكُلِّ ثِقةٍ: “إنَّ اللهَ نَصيري فلا أَهابُ ما هُم بي فاعِلونَ”. كتاب الزبور، مزمور 118: 6‏-7.
وتَذَكَّروا دائمًا المُرشِدينَ الَّذينَ عَلَّموكُم رِسالةَ اللهِ، وتَأمّلوا في سِيرَتِهِم حَتّى نِهايتِها، واقتَدُوا بإيمانِهِم. فسَيِّدُنا عيسـى المَسيحُ لا يَتَغَيَّرُ أبَدًا، لا اليَومَ، ولا في ما مَضى مِن الأَيّامِ، ولا في ما تَبَقَّى مِنها. فلا تَتَّبِعوا عَقائدَ الضَّلالِ الغَريبةَ ولا تَنخَدِعوا بها. بل اثبُتوا في إيمانِكُم بِفَضلِ اللهِ، لا بواسِطةِ شَعائرِ الطَّعامِ الَّتي لا تَنفَعُ الّذينَ اتَّكَلوا عليها.
10‏-11 وقَد ضَحَّى سَيِّدُنا عيسى بِحَياتِهِ مِن أَجلِ أن تُغفَرَ ذُنوبُنا، ولَيسَ لِلأَحبارِ إن تَمَسَّكوا بِنِظامِ الخَيمَةِ المُقَدَّسَةِ أن يَستَفيدوا مِن تِلكَ التَّضحيةِ! فالأَحبارُ يَذبَحونَ الحَيَواناتِ ويَجعَلونَ دِماءَها في المِحرابِ المُقَدَّسِ قُربانًا لِلتَّكفيرِ عَن خَطايا الشَّعبِ كُلِّهِ، أَمّا أَجسامُ الأضاحي فَتُحرَقُ خارِجَ المَكانِ الَّذي يُخَيِّمونَ فيهِ.§ يشير الكاتب هنا إلى الأحكام في التوراة، سفر اللاّويين 16: 3‏-28. 12 كذلِكَ، تَألّمَ سَيِّدُنا عيسـى وضَحَّى بنَفسِهِ خارِجَ بَوّابةِ مَدينةِ القُدسِ، حَتّى يُطَهِّرَ بِدَمِهِ جَماعةَ المؤمنينَ. 13 لِذا بِما أَنَّ سَيِّدَنا قَد تَحَمَّلَ الذُّلَّ والإهانةَ خارِجَ المَدينةِ، فدَعُونا نَخرُجُ إليهِ ونَحمِلُ مِن شَعبِنا الذُّلَّ مَعَهُ. 14 فالدُّنيا لَيستْ وَطنًا لنا، بَل نَحنُ نَسعى إلى وَطَنِنا في الآخِرةِ.
15 هكذا يَجِبُ أن نُقَدِّمَ قُربانَ تَسبيحٍ للهِ لا يَنتَهي بفَضلِ السَّيِّدِ المَسيحِ، وهو قُربانٌ يَصدُرُ عن شِفاهِنا نَحنُ الّذينَ نُسَبِّحُ بحَمدِهِ في العالَمينَ. 16 لا تُهمِلوا صالِحَ أَعمالِكُم وإعانَةَ إخوتِكُم بسَخاءٍ، فهذِهِ الأعمالُ هي بمَثابةِ القَرابين الَّتي تُرضي اللهَ. 17 أطيعوا مُرشِديكُم واحتَرِموا مَكانتَهُم، لأَنَّهُم يَسهَرونَ على العِنايةِ بِكُم، وإنَّهُم سيُحاسَبونَ أَمامَ اللهِ على عَمَلِهمِ الرُّوحانيِّ. افعَلوا هذا كَي يَقوموا بِعَمَلِهِم بِفَرَحٍ لا بتَذَمُّرٍ، وإلاّ فأنتمُ الخاسِرونَ.
18 فادعوا لنا، لأنّنا نَحنُ على يَقينٍ مِن نَقاءِ ضَميرِنا، ونَرغَبُ في أن نَحيا حياةً شَريفةً مِن كُلِّ جَوانبِها. 19 فاحرِصوا أَن تَتَضَرَّعوا إلى اللهِ مِن أجلِ أن أَعودَ إليكُم في أقرَبِ وَقتٍ.
دعاء وتحيّة ختاميّة
20 إنّ اللهَ هو السَّلامُ ومِنهُ السَّلامُ، وهو الَّذي بَعَثَ سَيِّدَنا عيسَى مِنَ المَوتِ. وإنَّ سَيَّدَنا هو الرّاعي العَظيمُ، وبِدَمِهِ أقامَ اللهُ مَعَنا ميثاقَهُ الأَبَديّ. 21 وإنّي لَسائِلٌ اللهَ تَعالى، أَن يَجعَلَكُم قادِرينَ على فِعلِ ما يَشاءُ مِن صَلاحٍ، وأن يَعمَلَ فينا ما يُرضيهِ بِحَقِّ سَيِّدِنا عيسـى المَسيحِ، لتَكونَ لهُ الهَيبَةَ إلى أَبَدِ الآبِدينَ. آمينَ.
22 إخوَتي المؤمنينَ، إنّي لأرجوكُم أَن تَحتَمِلوا ما وَجَّهتُهُ إليكُم مِن وَعظٍ في هذِهِ الرِّسالةِ القَصيرةِ. 23 واعلَموا أَنَّ أَخانا تيموتاوي قد أُطلِق سَراحُهُ مِنَ السِّجنِ. فإن وَصَلَ إليَّ بِسُرعَةٍ، فسنَزورُكُم قَريبًا.
24 بلَّغوا سَلامي إلى مُرشِديكُم، وبَلِّغوهُ إلى جَميعِ المؤمنينَ. ويُبَلِّغُكُم إخوَتُكُم في إيطاليا السَّلامَ أيضًا. 25 فَضلُ اللهِ عليكُم أَجمَعينَ.

*الفصل الثّالث عشر:2 تشير كتب الأنبياء القدامى إلى أنّ الملائكة تَظهر للناس على هيئة إنسان، فيعتقدون للوهلة الأولى أنّهم بشر، كما حدث مع النبي إبراهيم وغيره من الآباء الأوّلين (انظر التوراة، سفر التكوين، الفصل 18).

الفصل الثّالث عشر:5 يلمِّح الكاتب هنا إلى التوراة، سفر التثنية 31: 6، 8.

الفصل الثّالث عشر:6 كتاب الزبور، مزمور 118: 6‏-7.

§الفصل الثّالث عشر:10‏-11 يشير الكاتب هنا إلى الأحكام في التوراة، سفر اللاّويين 16: 3‏-28.