الفصل الثّالث
أساس القبول عند الله
وبَعدُ، يا إخوتي، افرَحوا لإيمانِكُم بسَيِّدِنا المَسيحِ، وها أنا أُكَرِّرُ لكُم التَّحذيرَ الّذي وَضَّحتُهُ سابِقًا، ولن أمَلَّ مِن ذلِكَ، لأنّ هذا التَّحذيرَ يَحميكُم مِن الضَّلالِ. فاحذَروا المَلاعينَ، مُرتَكبي السُّوء، دُعاةَ تَشويهِ الجِسمِ،* إنّ خصوم بولس المذكورين هنا يشبهون الدُّعاة الدّجّالين الذين صادفهم في غلاطية، وكانوا يحاولون إقناع غير اليهود بضرورة الختان كشرط لمرضاة الله. ولكن لم يكن واضحًا أنّ هؤلاء جاؤوا فعلاً إلى فيليبّي، أم أنّ بولس يحذّر هنا من خطر قدومهم فقط؟ ويرى أنّهم حرّفوا معنى الختان حتّى غدا مجرَّد عمليّة تشويه للجسد لا جدوى منها. لأنّنا نَحنُ أهلُ الخِتانِ الحَقِّ، ونَحنُ نَتَعَبَّدُ اللهَ بِهَديِ رُوحِهِ تَعالى، ونَفتَخِرُ بِالسَّيّدِ المَسيحِ، ولا نُعَوِّلُ على امتِيازاتٍ بَشَريةٍ، يقول الحواريّ بولس إنّ حلول روح الله، علامة للإشارة إلى قومه الحقيقيّ، وهو الختان الحقّ. لقد كان اليهود يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار اعتمادا على ميزات بشريّة، أي على شجرة النّسب وانحدارهم من نسل النّبي إبراهيم (عليه السّلام)، ولكن بولس يؤكّد أنّ هذا السّند لا قيمة له. واعتقد معظم اليهود أنّ لا حضور فاعل لروح الله في زمنهم، أمّا بولس فقد أشار إلى حضور روح الله بين أتباع سيّدنا عيسى (سلامه علينا) وكيف كانوا منقادين بروحه دليلاً قويًّا على أنّ سيّدنا عيسى هو المسيح الموعود حقًّا. فإن خَطَرَ على بالِ أحَدٍ أن يُعَوِّلَ على ما يَنتَسِبُ إليهِ، فأنا أحَقُّ بِذلِكَ مِن كُلِّ النّاسِ، يبرهن الحَواري بولس هنا أنّه لا يتساوى فقط مع الذين يحثّون على التزامِ العادات اليهوديّة وتقاليدهم، وإنّما يتفوّق عليهم في كلّ ما يفتخرون به. فإذا استحقّ أحد الثّناء على أساسِ أصلِهِ الشّريف، أو دراساته الكثيرة، أو حياته الفاضلة، فنصيب بولس من هذه الأشياء سيفوقهم جميعا. فقد خُتِنتُ في اليَومِ الثّامِنِ بَعدَ وِلادَتي، وأنا أنتَمي إلى بَني يَعقوبَ، ومِن قَبيلةِ بِنيَمينَ تَحديدًا، فأنا عِبرانيٌّ صَميمٌ إذن، وكُنتُ أنتَمي إلى طائِفةِ المُتَشَدِّدينَ، وهي أكثَرُ الطوائفِ تَعَصُّبًا لِلدّينِ اليَهوديِّ، وبِسَبَبِ حَماسي الشَّديدِ كُنتُ أضطَهِدُ جَماعةَ المؤمنينَ بسَيِّدِنا عيسى المَسيحِ. فإن يَكُنِ رِضوانُ اللهِ بِالتِزامِ الإنسانِ شَرعَ اليَهودِ، فقد كُنتُ إذن، خاليًا مِن أيِّ نَقص.
وقَديمًا اعتَقَدتُ أنّ هذا يُحسَبُ لفائدَتي، غَيرَ أنَّني بمُجَرَّدِ إيماني بِسَيِّدِنا عيسى المَسيحِ رَأيتُ أنّ ذلِكَ خُسرانٌ، إن اكتَفَيتُ بِهِ وَحدَهُ،§ يتحدّث بولس عن الخطى التي اتّبعها مقتديًا بالسيّد المسيح (سلامه علينا)، الذي تخلّى عن مقامه وامتيازاته ومرتبته الرّفيعة في سبيل طاعته لله. وكان بنو يعقوب يفتخرون بأصلهم الشّريف الذي اعتبروه دلالة على أنهم شعب الله المختار. ولكن بولس يقول إنّه شريك في هذا الأمر أيضًا، وكان متحمّسًا كثيرًا للتوراة، غير أنه بعد تجلّي سيّدنا المسيح (سلامه علينا) رئيسًا يملكًا لأُمّة الله، تبيّن له أنّ سبيله القديم في تعبيره عن إخلاصه لله خاطئ. إنّ المنتمون لأُمّة الله حقًّا هم مخلصون للملك، أمّا مسألة الأصل والتقاليد فلا قيمة لها. وأنا على يَقينٍ أنّ هذا كُلُّهُ لا يُساوي شَيئًا مُقارنةً بالكَنزِ العَظيمِ، ألا وهو مَعرِفةُ مَولاي عيسى المَسيحِ! وأنا مِن أجلِهِ ألقَيتُ بكُلِّ الأشياءِ، وهي في ناظِريّ مُجَرَّدُ كُناسةٍ، وذلِكَ حَتّى أحظى بِقُربِهِ (سلامُهُ علينا)، فلَستُ مَرضيًا عِند اللهِ على أساسِ انتِمائي إلى أهلِ التَّوراةِ، بل على أساسِ ثِقَتي بِسَيِّدِنا المَسيحِ، لأنّ اللهَ رَضِيَ عنّي بِناءً على يَقيني وثِقَتي في السَّيِّدِ المَسيحِ. 10 وغايتي أَن أعرِفَهُ (سلامُهُ علينا) وأختَبرَ قوَّةَ قيامتِهِ وأُشاركَهُ في آلامِهِ وأقتَدي بِنُبُلِ مَوتِهِ، 11 على أمَلي أن أُبعَثَ حَيًّا مِن بَينِ الأمواتِ بِرَحمتِهِ تَعالى.* سار بولس على خطى السيد المسيح، فتحمّل أشكالاً من المعاناة، وهو على يقين أنه سيفوز بالمجد يوم بعثه، شأن مولانا المسيح (سلامه علينا). وفي ذلك الزمن اعتقد عدد كبير من اليهود أن القيامة ستأتي بعد فترة من المعاناة.
السّعي إلى الهدف
12 ولا أدَّعي أنّي فُزتُ بتِلكَ الامتِيازاتِ أو بَلَغتُ دَرَجةَ الواصِلينَ إلى اللهِ، بل إنّي أواظِبُ في سَعيي إلى التَّمَسُّكِ بالكَمالِ الّذي مِن أجلِهِ تَمَسَّكَ بي سَيِّدُنا عيسى المَسيحُ. 13 أحِبّائي، لا شَكَّ أنّي لم أفُزْ بَعدُ، ولكِنّ أمرًا واحِدًا يَعنيني، أن أترُكَ ما وَرائي وأبذُلَ كُلَّ جُهدي في سَبيلِ التَّقَدُّمِ إلى الأمامِ. 14 إنّ مَثلَ شَوقي إلى نَعيمِ اللهِ كمَثَلِ مَن يَعدو في سِباقٍ فلا يُبصِرُ غَيرَ هَدَفِهِ. وهذِهِ هي دَعوةُ اللهِ السَّماويّةُ الّتي وَجَّهَها إلينا بِواسِطةِ سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ. يقارن بولس نفسه بعدّاء رياضي، حيث يحصل الفائز على إكليل من أوراق الغار وقد يحصل في بعض الأحيان على جائزة مالية.
15 وعلى الرّاشِدينَ في الإيمانِ مِنّا أن يَتَّفِقوا على هذا الهَدَفِ العَظيمِ. حَتّى لو حَصَلَ بَينَكُم اختِلافٌ في بَعضِ الأُمورِ، فإنّ اللهَ يُنيرُ لكُم ما اختَلَفتُم حَولَهُ. 16 فأطيعوا رِسالةَ اللهِ بِقَدرِ فَهمِكُم لها.
17 إخوتي في اللهِ، اِقتَدوا بي، وسِيروا على مِنوالِ سَبيلِنا نَحنُ الحَواريّينَ، 18 ولقد أعلِمتُكُم مِرارًا، وها أنا أُكَرِّرُ ذلِكَ مَرّةً أُخرى ودُموعي تَنهمِرُ، أنّ الّذينَ يَسلُكونَ سَبيلَ العِداءِ لِتَضحيةِ سَيِّدِنا عيسى على الصَّليبِ عَدَدُهُم كَبيرٌ، 19 وهؤُلاءِ مَصيرُهُم الهَلاكُ، لأنّهُم يَعبُدونَ شَهَواتَ بُطونِهِم، ويَفتَخِرونَ بِكُلِّ ما نَستَحي مِنهُ، إنّهُم مُنشَغِلونَ بِأُمورِ حَياةِ الدُّنيا. 20 أمّا نَحنُ فمِن أهلِ السَّماءِ، ومِنها نَنتَظِرُ بِشَوقٍ عَظيمٍ مُنَجِّيَنا سَيِّدَنا عيسى المَسيحَ لم يحصل إلاّ عدد قليل من النّاس في الإمبراطورية الرّومانيّة على امتياز المواطنة، في حين يؤكّد بولس أنّ كل من ينتمي إلى المملكة الربّانيّة تحت سلطان سيّدنا عيسى المسيح يجلب لنفسه احترامًا أكثر. 21 الّذي سيُحَوِّلُ أجسامَنا الدُّنيَويّةَ الوَضيعةَ إلى أجسامٍ مِثلَ جِسمِهِ المَجيدِ، بِقوةٍ يَجعَلُ بِها كُلَّ شَيءٍ تَحتَ أمرِهِ الشَّديدِ.

*الفصل الثّالث:2 إنّ خصوم بولس المذكورين هنا يشبهون الدُّعاة الدّجّالين الذين صادفهم في غلاطية، وكانوا يحاولون إقناع غير اليهود بضرورة الختان كشرط لمرضاة الله. ولكن لم يكن واضحًا أنّ هؤلاء جاؤوا فعلاً إلى فيليبّي، أم أنّ بولس يحذّر هنا من خطر قدومهم فقط؟ ويرى أنّهم حرّفوا معنى الختان حتّى غدا مجرَّد عمليّة تشويه للجسد لا جدوى منها.

الفصل الثّالث:3 يقول الحواريّ بولس إنّ حلول روح الله، علامة للإشارة إلى قومه الحقيقيّ، وهو الختان الحقّ. لقد كان اليهود يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار اعتمادا على ميزات بشريّة، أي على شجرة النّسب وانحدارهم من نسل النّبي إبراهيم (عليه السّلام)، ولكن بولس يؤكّد أنّ هذا السّند لا قيمة له. واعتقد معظم اليهود أنّ لا حضور فاعل لروح الله في زمنهم، أمّا بولس فقد أشار إلى حضور روح الله بين أتباع سيّدنا عيسى (سلامه علينا) وكيف كانوا منقادين بروحه دليلاً قويًّا على أنّ سيّدنا عيسى هو المسيح الموعود حقًّا.

الفصل الثّالث:4 يبرهن الحَواري بولس هنا أنّه لا يتساوى فقط مع الذين يحثّون على التزامِ العادات اليهوديّة وتقاليدهم، وإنّما يتفوّق عليهم في كلّ ما يفتخرون به. فإذا استحقّ أحد الثّناء على أساسِ أصلِهِ الشّريف، أو دراساته الكثيرة، أو حياته الفاضلة، فنصيب بولس من هذه الأشياء سيفوقهم جميعا.

§الفصل الثّالث:7 يتحدّث بولس عن الخطى التي اتّبعها مقتديًا بالسيّد المسيح (سلامه علينا)، الذي تخلّى عن مقامه وامتيازاته ومرتبته الرّفيعة في سبيل طاعته لله. وكان بنو يعقوب يفتخرون بأصلهم الشّريف الذي اعتبروه دلالة على أنهم شعب الله المختار. ولكن بولس يقول إنّه شريك في هذا الأمر أيضًا، وكان متحمّسًا كثيرًا للتوراة، غير أنه بعد تجلّي سيّدنا المسيح (سلامه علينا) رئيسًا يملكًا لأُمّة الله، تبيّن له أنّ سبيله القديم في تعبيره عن إخلاصه لله خاطئ. إنّ المنتمون لأُمّة الله حقًّا هم مخلصون للملك، أمّا مسألة الأصل والتقاليد فلا قيمة لها.

*الفصل الثّالث:11 سار بولس على خطى السيد المسيح، فتحمّل أشكالاً من المعاناة، وهو على يقين أنه سيفوز بالمجد يوم بعثه، شأن مولانا المسيح (سلامه علينا). وفي ذلك الزمن اعتقد عدد كبير من اليهود أن القيامة ستأتي بعد فترة من المعاناة.

الفصل الثّالث:14 يقارن بولس نفسه بعدّاء رياضي، حيث يحصل الفائز على إكليل من أوراق الغار وقد يحصل في بعض الأحيان على جائزة مالية.

الفصل الثّالث:20 لم يحصل إلاّ عدد قليل من النّاس في الإمبراطورية الرّومانيّة على امتياز المواطنة، في حين يؤكّد بولس أنّ كل من ينتمي إلى المملكة الربّانيّة تحت سلطان سيّدنا عيسى المسيح يجلب لنفسه احترامًا أكثر.