الفصل الثّالث عشر
خروج وحش البحر
ثُمّ رأيتُ وَحشًا يَخرُجُ مِن البَحرِ، لهُ مِن القُرونِ عَشَرة، يَعتَلي تاجٌ كُلَّ قَرنٍ مِنها، وسَبعةُ رُؤوسٍ كُتِبَ على كُلِّ رأسٍ مِنها أسماءُ كُفرٍ.* هاجم جيوش الإمبراطورية الرومانية خلال السفر بحرا أجزاء ممّا يُعرف بـتركيا اليوم. وربّما يرمز الوحش الذي تمّ وصفه وهو خارج من البحر إلى الإمبراطورية الرومانية. وقد منح التنين أو الشيطان قوّة لهذا الوحش. وقد ترمز الرؤوس والقرون والتيجان إلى الأباطرة الرومان الذين طالبوا الناس كفرا أن يعبدوهم كآلهة. وكانت عبادة الإمبراطور مطلوبة من جميع المواطنين باستثناء اليهود. وفي حزيران/جوان سنة 68 للميلاد توفي نيرون بعد أن أصاب نفسه بجرح قاتل. وبعد انتهاء مراسم جنازته، شاع بين المقاطعات الشرقية خبرٌ مفاده أنّ نيرون ما زال حيّا وقد اختبأ عن الأنظار. ومن الواضح أنّ يوحنّا لم يصدق أنّ نيرون عاد من بين الأموات ولكن الأسطورة التي تقول أنّه نجا من الموت أو تمّت إعادته إلى الحياة أصبحت فكرة ثابتة في مخيّلة الناس، ويبدو أنّ يوحنّا استعملها للدلالة على تجدّد سياسة نيرون وتعزيزها في ما يتعلّق بتعذيب المسيحيين واضطهادهم، وهذا ما كان يحدث غالبا في فترة حكم الإمبراطور دوميتيان. وهذا الوَحشُ يُشبِهُ الفَهدَ، وأرجُلُهُ كَأرجُلِ الدُّبِّ، ولهُ فَمٌ كَفَمِ الأسَدِ. وأعطاهُ التِّنّينُ اللَّعينُ قُدرةً وعَرشًا وسُلطةً عَظيمةً، ورأيتُ أحَدَ رُؤُوسِ الوَحشِ وكَأنّ جُرحًا قاتِلاً أصابَها، لكِنّهُ شُفي. فتَعَجَّبَ أهلُ الدُّنيا كُلِّها وتَبِعُوا الوَحشَ. وسَجَدَ النّاسُ لِلتِّنّينِ، لأنّهُ أعطى الوَحشَ السُّلطانَ المُبينَ، وسَجَدوا لِلوَحشِ أيضًا قائِلينَ: “مَن ذا الّذي يُشبِهُ هذا الوَحشَ في قُوّتِهِ؟ ومَن يَقدِرُ على تَحَدِّيهِ؟”
وأُذِنَ للوَحشِ أن يَتَباهى بِنَفسِهِ ويَكفُرَ بِاللهِ، وأن يَحكُمَ بسُلطانِهِ ثَلاثَ سَنوات ونِصفٍ. فأخَذَ يَكفُرُ بِاللهِ ويُهينُ اسمَهُ الكَريمُ وحَرَمَهُ الشَّريفَ وأولِياءَهُ في السَّماءِ. وأُذِنَ لهُ أن يُحارِبَ عِبادَهُ الصّالِحينَ ويَغلِبَهُم، كَما أُذِنَ لهُ أن يَتَسَلَّطَ على كُلِّ القَبائِلِ والشُّعوبِ واللُّغاتِ والأُمَمِ. فسَجَدَ لهُ أهلُ الدُّنيا جَميعًا، إلاّ الّذينَ كُتِبَت أسماؤهُم مُنذُ خَلقِ العالَمينَ في سِجِلِّ الخُلدِ، سِجِلِّ سَيِّدِنا عيسى، الذِّبحِ العَظيمِ. يا أولي الألبابِ! اصغوا وافقَهوا! 10 فمَن كُتِبَ لهُ الأسرُ فسيُساقُ إلى الأسرِ، ومَن كُتِبَ لهُ المَوتُ بِالسَّيفِ، فسيَلقى المَوتَ بالسَّيفِ. فعلى عِبادِ اللهِ الصّالِحِينَ في هذِهِ الأحوالِ أن يَصبِروا على مِحَنِهِم ويَتَمَسَّكُوا بإيمانِهِم.
خروج دابّة الأرض
11 ثُمّ رأيتُ وَحشًا آخَرَ يَخرُجُ مِن الأرضِ، وكانَ لهُ قَرنانِ يُشبِهانِ قَرنَيْ كَبشٍ، لكِنّهُ كانَ يَتَكَلَّمُ كالتِّنّينِ. ترمز القرون هنا إلى القوة. ولكن الوحش هنا له قرنان مثل الحمل، وربما أراد هذا الوحش إيهام الناس بعدم خطورته. ومن المرجَّح أنّ هذا الوحش يرمز إلى الحاكم الروماني في شرق الإمبراطورية (ربّما كان الحاكم المقيم في مدينة أفاسوس، انظر الملاحظة في 2: 1) الذي أجبر أتباع السيد المسيح على المشاركة في مراسم عبادة الإمبراطور. 12 وكانَ يَنُوبُ وَحشَ البَحرِ ويَحكُمُ بِاسمِهِ، فأجبَرَ الأرضَ ومَن عليها على السُّجودِ لِلوَحشِ الأوّلِ الّذي شُفي جُرحُهُ القاتِلُ. 13 وأتى هذا الوَحشُ، أي دابّةُ الأرضِ، بِمُعجِزاتٍ خارِقة، فأنزَلَ نارًا مِن السَّماءِ على الأرضِ أمامَ أنظارِ النّاسِ. 14 وأُذِنَ لِدابّةِ الأرض أن تُجري هذِهِ المُعجِزاتِ نِيابةً عنِ وَحشِ البَحرِ، فأضَلَّت كُلَّ أهلِ الأرضِ، ثُمّ أمَرَتْ أهلَ الأرضِ أن يُقِيموا تِمثالاً لِتَكريمِ وَحشِ البَحرِ الّذي جُرِحَ بِالسَّيفِ ورَغمَ ذلِكَ بَقِي على قَيدِ الحَياةِ. 15 وأُذِنَ لِدابّةِ الأرضِ أن تَبعَثَ الحياةَ في تِمثالِ وَحشِ البَحرِ، فتَكَلَّمَ التِّمثالُ وأمَرَ أن يُقتَلَ كُلُّ مَن رَفَضَ السُّجُودَ لهُ. 16 وأجبَرَتْ دابّةُ الأرضِ النّاسَ جَميعًا، صِغارًا وكِبارًا، أغنِياءَ وفُقَراءَ، أحرارًا وعَبيدًا، أن يَحمِلوا عَلامةً على أيدِيهِمِ اليُمنى أو على جِباهِهِم، نُقشت صورة الإمبراطور الروماني على التاج الذهبي للحاكم المحلّي لمقاطعة آسيا وكان يضعه على جبهته، بينما يضع في إصبع يده اليمنى خاتما نُقشت عليه الصورة نفسها. وتعوّد الحاكم المحلّي خلال المباريات الملكية أن يختم بهذا الخاتم كلّ الذين يعبدون الإمبراطور، وبذلك يصبحون ملكا له. 17 فلا يَحقُّ البيعُ أو الشِراءُ إلاّ لحامِلِ عَلامةِ وَحشِ البَحرِ، وتَكونُ العَلامةُ بمَثابةِ اسمٍ لهُ، وتَحدِيدًا الرَّقمُ الّذي يَرمُزُ لاسمِهِ اللَّعينِ.§ حملت النقود الرومانية صورة الإمبراطور وألقابه التي زعمت ألوهيته، وكانت كتابة هذه الألقاب تُختصر حسب حجم القطعة النقدية. وتداول الناس هذه النقود بأمر من الحاكم المحلي. ولا يمكن لأحد أن يبيع أو يشتري دون هذه النقود. واُعتُبر الإقبالُ على استخدام هذه النقود قبولا بعبادة الإمبراطور وهذا ما اعتبره أتباع السيد المسيح كفرا. 18 فانتَبِهوا يا أُولي الألبابِ: إنّ على الأذكِياءِ مِنكُم فَكّ شِفرةِ اسمِ وَحشِ البَحرِ، فعَدَدُ حُروفِهِ في الحَقيقةِ يُساوي عَدَدَ حُروفِ اسمِ شَخصٍ مُعَيّنٍ، وسيَتَوَضَّحُ الاسمُ المُشارُ إليهِ إذا فَكُّوا شِفرةَ رَقمِهِ، والرَّقمُ هُو “سِتُّ مِئةٍ وسِتّةٌ وسِتُّونَ”.* من المرجّح أنّ الناس في زمن يوحنّا كانوا على دراية بتفسير الأرقام وتأويلها، وكانوا قادرين على إبراز معنى الرقم المتعلّق بالوحش، رغم أنّ القرّاء المعاصرين وجدوا فيها حيرة وإرباكا، لكنّ الدّارسين المختصّين وجدوا طريقة لفكّ رموزها. فالكلام المنقوش على القطع التي كانت متداولة في آسيا الصغرى كان باللغة اليونانية (وهي اللغة التي يكتب بها يوحنّا) وهي مؤلفة من حروف ذات معنى رقمي. ولم يكن لديهم أرقام كما هو الحال اليوم، فجعلوا الأحرف مكان الأرقام وكان كل حرف يعادل قيمته العددية. وعند استعمالهم هذه الأرقام، يستطيع أي شخص أن يحصل على القيمة العددية لاسمه إذا قابل كل حرف من الحروف ما يعادله من الأعداد. ويرى أغلب المفسرين أنّ مجموع أرقام اسم القيصر، هو ستّ مئة وستّة وستّون (666)، ويشير هذا الرقم في المعتقد اليهودي إلى النقصان، لأن الرقم (7) رقم مقدس بلغ الكمال في حين أن الرقم (6) لا يبلغ الكمال.

*الفصل الثّالث عشر:1 هاجم جيوش الإمبراطورية الرومانية خلال السفر بحرا أجزاء ممّا يُعرف بـتركيا اليوم. وربّما يرمز الوحش الذي تمّ وصفه وهو خارج من البحر إلى الإمبراطورية الرومانية. وقد منح التنين أو الشيطان قوّة لهذا الوحش. وقد ترمز الرؤوس والقرون والتيجان إلى الأباطرة الرومان الذين طالبوا الناس كفرا أن يعبدوهم كآلهة. وكانت عبادة الإمبراطور مطلوبة من جميع المواطنين باستثناء اليهود. وفي حزيران/جوان سنة 68 للميلاد توفي نيرون بعد أن أصاب نفسه بجرح قاتل. وبعد انتهاء مراسم جنازته، شاع بين المقاطعات الشرقية خبرٌ مفاده أنّ نيرون ما زال حيّا وقد اختبأ عن الأنظار. ومن الواضح أنّ يوحنّا لم يصدق أنّ نيرون عاد من بين الأموات ولكن الأسطورة التي تقول أنّه نجا من الموت أو تمّت إعادته إلى الحياة أصبحت فكرة ثابتة في مخيّلة الناس، ويبدو أنّ يوحنّا استعملها للدلالة على تجدّد سياسة نيرون وتعزيزها في ما يتعلّق بتعذيب المسيحيين واضطهادهم، وهذا ما كان يحدث غالبا في فترة حكم الإمبراطور دوميتيان.

الفصل الثّالث عشر:11 ترمز القرون هنا إلى القوة. ولكن الوحش هنا له قرنان مثل الحمل، وربما أراد هذا الوحش إيهام الناس بعدم خطورته. ومن المرجَّح أنّ هذا الوحش يرمز إلى الحاكم الروماني في شرق الإمبراطورية (ربّما كان الحاكم المقيم في مدينة أفاسوس، انظر الملاحظة في 2: 1) الذي أجبر أتباع السيد المسيح على المشاركة في مراسم عبادة الإمبراطور.

الفصل الثّالث عشر:16 نُقشت صورة الإمبراطور الروماني على التاج الذهبي للحاكم المحلّي لمقاطعة آسيا وكان يضعه على جبهته، بينما يضع في إصبع يده اليمنى خاتما نُقشت عليه الصورة نفسها. وتعوّد الحاكم المحلّي خلال المباريات الملكية أن يختم بهذا الخاتم كلّ الذين يعبدون الإمبراطور، وبذلك يصبحون ملكا له.

§الفصل الثّالث عشر:17 حملت النقود الرومانية صورة الإمبراطور وألقابه التي زعمت ألوهيته، وكانت كتابة هذه الألقاب تُختصر حسب حجم القطعة النقدية. وتداول الناس هذه النقود بأمر من الحاكم المحلي. ولا يمكن لأحد أن يبيع أو يشتري دون هذه النقود. واُعتُبر الإقبالُ على استخدام هذه النقود قبولا بعبادة الإمبراطور وهذا ما اعتبره أتباع السيد المسيح كفرا.

*الفصل الثّالث عشر:18 من المرجّح أنّ الناس في زمن يوحنّا كانوا على دراية بتفسير الأرقام وتأويلها، وكانوا قادرين على إبراز معنى الرقم المتعلّق بالوحش، رغم أنّ القرّاء المعاصرين وجدوا فيها حيرة وإرباكا، لكنّ الدّارسين المختصّين وجدوا طريقة لفكّ رموزها. فالكلام المنقوش على القطع التي كانت متداولة في آسيا الصغرى كان باللغة اليونانية (وهي اللغة التي يكتب بها يوحنّا) وهي مؤلفة من حروف ذات معنى رقمي. ولم يكن لديهم أرقام كما هو الحال اليوم، فجعلوا الأحرف مكان الأرقام وكان كل حرف يعادل قيمته العددية. وعند استعمالهم هذه الأرقام، يستطيع أي شخص أن يحصل على القيمة العددية لاسمه إذا قابل كل حرف من الحروف ما يعادله من الأعداد. ويرى أغلب المفسرين أنّ مجموع أرقام اسم القيصر، هو ستّ مئة وستّة وستّون (666)، ويشير هذا الرقم في المعتقد اليهودي إلى النقصان، لأن الرقم (7) رقم مقدس بلغ الكمال في حين أن الرقم (6) لا يبلغ الكمال.