الفصل السّادس
تجنّب الخطايا بعد الإيمان بسيّدنا المسيح
وقد يَقولُ أحَدُهُم: “لِمَ لا نَزدادُ إثمًا لِيَزدادَ فَضلُ اللهِ علينا؟” حاشا للهِ، لأنّنا نَحنُ أتباعُ السَّيِّدِ المَسيحِ قد انقَطَعنا عن الذُّنوبِ والخَطايا كَما يَنقَطِعُ المَيْتُ عن الدُّنيا، فكَيفَ نَتَعَمَّدُ الاستِمرارَ في ارتِكابِها؟ ألا تَعلَمونَ أَنّنا حِينَما تَطَهَّرنا بالماءِ صِبغةً للهِ، اتَّحَدنا بالسَّيِّدِ المَسيحِ؟ وبذلِكَ انتَهى نَهجُ عَيشِنا القَديمِ. فالنُّزولُ في الماءِ كدَفنِ المَيتِ، ونَحن دُفِنّا مَعَ السَّيِّدِ المَسيحِ بعَلامةِ التَّغطيسِ في الماءِ تأكيدًا للمَوتِ، فكَما ماتَ السَّيِّدُ المَسيحُ ودُفنَ ثُمَّ بَعَثَهُ اللهُ الأبُ الرَّحمنُ بجَلالِهِ، تَطَهَّرنا بالماءِ ووَلَّتْ عنَّا حَياتُنا القَديمةُ، وأعطانا اللهُ حَياةً خالِدةً مِثلَهُ.
لقد ضَحَّى السَّيِّدُ المَسيحُ بحَياتِهِ مِن أجلِنا، ونَحن حينَ نَنزِلُ في الماءِ نَموتُ، وسنُبعَثُ خالِدينَ لأنّنا نَحنُ مُتَّحِدونَ بِهِ (سلامُهُ علينا)، كَما بُعِثَ السَّيِّدُ المَسيحُ، فقد صُلِبَ مَعَهُ (سلامُهُ علينا) سُلطانُ النَّفسِ، حَتّى نَقتُلَ أهواءَها فنَتَحَرَّرَ مِن الإثمِ. فإذا تَخَلَّصنا مِن حَياةٍ مَليئةٍ بالخَطايا، انقَطَعَ سُلطانُ الشَّهوةِ كَما يَنقَطِعُ المَيتُ عن حَياةِ الدُّنيا.
وبما أنّنا انضَمَمنا إلى السَّيِّدِ المَسيحِ بمَوتِهِ، فإنّنا سنَحيا مَعَهُ حَياةً جَديدةً بكُلِّ تأكيد. فنَحن نَعلَمُ أنّ السَّيِّدَ المَسيحَ قد بُعِثَ مِن المَوتِ إلى الخُلودِ، وأَنّهُ لن يَموتَ مَرّةً أُخرى. فلم يَعُد للمَوتِ سُلطةٌ عليهِ كَما كانَ في المَرّةِ الأولى. 10 وعِندَما ماتَ (سلامُهُ علينا)، ماتَ لِيَمحوَ ذُنوبَ النّاسِ مَرّةً واحِدةً. أمّا الآنَ فهو يَعيشُ لِيَرفَعَ شأنَ اللهِ ويُمَجِّدَهُ. 11 فاستَيقِنوا أيُّها الأحبابُ أنّكُم مُنقَطِعونَ أيضًا عن الإثمِ، وأنّكُم تُبعَثونَ لِمَرضاةِ اللهِ أَحيَاءً مَعَ عيسـى المَسيحِ (سلامُهُ علينا).
12 ولهذا، لا تَترُكوا الخَطايا تَتَسَلَّطُ عليكُم ولا تَخضَعوا للشَّهَواتِ. 13 ولا تَجعَلوا أعضاءَ أجسامِكُم أدواتٍ للإثمِ، بل سَلِّموا أنفُسَكُم للهِ تَسليمًا، لأنّ اللهَ نَقَلَكُم مِن المَوتِ إلى الحَياةِ، فسَلِّموا أعضاءَ أجسامِكُم للهِ طاعةً وتَعظيمًا، كأنّها أدواتٌ لإرضاءِ اللهِ. 14 فلا سُلطانَ لِلخَطايا عليكُم، بما أنّكُم لَستُم تَحتَ حِمايةِ التَّوراةِ، بل أنتُم تَتَظَلَّلونَ بِظِلِّ فَضلِ اللهِ.
صرنا تابعين للصّلاح
15 ثُمّ ماذا؟ هل نَستَمِرُّ في ارتِكابِنا لِلخَطايا، لأنّنا لَسنا تَحتَ حِمايةِ التّوراةِ بل تَحتَ حِمايةِ فَضلِ اللهِ؟ كَلاّ! 16 إنّكُم تَعلَمونَ أنّ مَثَلَكُم مَثَلُ الّذينَ خَضَعوا لسَيِّدٍ وأطاعوهُ في خِدمتِهِ، فأنتُم كذلِكَ أصبَحتُم مُستَعبَدينَ، وبإمكانِكُم أن تُصبِحوا عَبيدًا للخَطايا الّتي تؤدّي بِكُم إلى الهَلاكِ، أو بإمكانِكُم أيضًا أن تَختاروا طاعةَ اللهِ الّتي تَقودُكُم إلى مَرضاتِهِ تَعالى. 17 لكن الحَمدُ للهِ، بَعدَ أن كُنتُم عَبيدًا لخَطاياكُم، أصبَحتُم على دَربِ سِيرةِ المَسيحِ الّذي أسلَمتُم لهُ بكُلِّ قُلوبِكُم وجَوارحِكُم، 18 فتَحَرَّرتُم مِن الإثمِ، وأنتُم عَبيدٌ الآنَ للهِ مُتَّقونَ مُخلِصونَ. 19 ومَجازًا استَعمَلتُ تَعبيرَ العُبوديةِ حَتّى أُساعِدَكُم على فَهمِ هذِهِ الأُمورِ لأنّكُم بَشَرٌ ضُعفاء، وقد جَعَلتُم أجسامَكُم في الماضي لخِدمةِ الشَّرِّ فتَماديتُم في اِرتِكابِهِ، فكُنتُم عَبيدًا مُدَنَّسينَ، فهَلاَّ تُقَدِّمونَها الآنَ لإرضاءِ اللهِ وتَكونونَ لهُ عَبيدًا لتَصيروا عِبادَ اللهِ الصّالحينَ؟
20 وعِندَما كُنتُم مُستَعبَدينَ لخَطاياكُم، لم تَكونوا مُقَيَّدينَ بما يُرضي اللهَ. 21 فما جَنَتْ أيدِيكُم مِن تِلكَ السَّيِّئَاتِ خَيرًا، وها أنتُم الآنَ تَخجَلونَ بها، لأنّها تُؤدِّي إلى الهَلاكِ. 22 ولكنّكُم الآنَ تَحَرَّرتُم مِن الإثمِ، فأنتُم عِبادُ الله المُطيعونَ، تَسعَونَ إلى الخَيرِ ومآلُهُ دارُ البَقاءِ. 23 والإثمُ جَزاؤهُ الهَلاكُ. أمّا فَضلُ اللهِ الَّذي أنعَمَ بِهِ عَلينا مِن خِلالِ سَيِّدِنا عيسـى المَسيحِ فمآلُهُ الخُلودُ.