الفصل الثّاني
اعتراف الحَواريِّين ببولُس
وبَعدَ أَربَعَ عَشَرةَ سَنةً، ذَهَبتُ مَرّةً أُخرى إلى القُدسِ، برِفقةِ بَرْنابا وتيتوسَ.* كان الحواري برنابا يهوديًّا من قبرص، وكان يعمل إلى جانب بولس على نشر رسالة السيّد المسيح (انظر سيرة الحواريّين 13: 1 -14: 28). كان تيتوس تابعا لسيّدنا عيسى، ولم يكن يهوديًّا. وقد عمل في وقت لاحق على نشر رسالة السيّد المسيح إلى جانب بولس في مدينة أفاسوس. ومن هناك أرسله بولس كمندوب له للمؤمنين في مدينة كورنتوس (انظر رسالة بولس الثّانية إلى مؤمني كورنتوس 8: 23). وبعد مرور بضع سنوات على هذا الحدث، تركه بولس في جزيرة كريت للإشراف على جماعات المؤمنين هناك (انظر الرّسالة إلى تيتوس 1: 5). ولم أذهَبْ إلاّ بِرؤيا مِن اللهِ أَمَرَني فيها بهذِهِ الرِّحلةِ، واجتَمَعتُ في القُدسِ اجتِماعًا خاصًّا بكِبارِ المؤمِنينَ، وكَشَفتُ لهُم دَعوايَ لغَيرِ اليَهودِ، لَعَلَّهُم يَقتَنِعونَ بصِحَّتِها، ويَعتَرِفونَ بها، حَتّى لا يَضيعَ جُهدي في الرِّسالةِ هَباءً. يردّ الحواري بولس على منتقديه في غلاطية الذين ادّعوا أن سلطته أقل شأنًا من سلطة الحواريين في القدس الشريف، ويشير أن ذهابه إلى القدس لم يكن استجابةً لدعوة الحواريين في القدس، أو استجابة لسلطة أي إنسان آخر، بل كان طاعة لأمر الله فقط. ولقد وافَقَ هؤلاءِ الكِبارُ على رِسالتي، ولم يَفرِضوا الخِتانَ على تيتوسَ رَفيقي في الدَّعوةِ مَعَ أنّهُ يونانيٌ. ولقد طَرَحَ هذا المَوضوعَ بَعضُ مَن يَزعُمونَ أنَّهُم أَتباعُ المَسيحِ، فاندَسّوا بَينَنا يَتَرَبَّصونَ، ويُفسِدونَ ما مَنَّ اللهُ علينا مِن خِلالِ سَيِّدِنا عِيسى المَسِيحِ الّذي حَرَّرَنا مِن تَقاليدِ الدِّينِ، وكانوا يَتَعَمَّدونَ استِعبادَنا مِن جَديد. ولكنَّنا لم نَستَسلِم ولم نَخضَع لطَلَبِ خِتانِ تيتوس ولو لَحظةً واحِدةً، حَتّى نُحافِظَ على رِسالةِ سَيِّدِنا المَسيحِ الحقِّ مِن أجلِكُم. بما أنّ اليهود ركّزوا باستمرار على الختان باعتباره علامة تميّزهم عن غيرهم، فجعلوا منه أساسا لهويّتهم، إذ اعتبر معظمهم المختونين فقط من اليهود، والمختونون وحدهم شركاء في ميثاق الله، وهم فقط المنتمون لشعب الله المختار. فليس من الغريب إذا أن يحاول بعض أتباع سيّدنا عيسى من اليهود فرض الختان على تيتوس (انظر سيرة الحواريّين 15: 5).
ويَحظى الحَواريِّونَ يَعقوبُ وصَخرٌ ويُوحنّا بمَكانةٍ عاليةٍ بَينَ المؤمنينَ، ولكنّي لا أُبالي بمَكانتِهِم تِلكَ، لأنَّ اللهَ لا يُحابي أحَدًا، فهؤلاءِ الحَواريّونَ إذن لم يُضيفوا شَيئًا إلى دَعوتي بَينَ غَيرِ اليَهودِ. لكنّهُم في المُقابِلِ رأَوا أنّ اللهَ قد جَعَلَني مُناديًا برِسالةِ سَيِّدِنا عيسى بَينَ غَيرِ اليَهودِ، كَما أوكَلَ إلى بُطرُسَ الصَّخرِ أن يَكونَ مُناديًا إلى سَيِّدِنا بَينَ اليَهودِ. لأنَّ اللهَ اختارني وقَوّاني مُرسَلاً لغَيرِ اليَهودِ مِثلَما اختارَ صَخرًا وجَعَلَهُ حَواريًّا وقَوّاهُ مُرسَلاً إلى اليَهودِ وعِندَما رأَى يَعقوبُ وصَخرٌ ويُوحَنَّا -باعتِبارِهِم أركانَ جَماعةِ المؤمِنينَ- فَضلَ اللهِ عليَّ صافَحوني باليَدِ أنا وبَرنابا، مُؤكِّدينَ أنَّنا نُشارِكُهُم في الدَّعوةِ، فاتّجِهُ برِسالةِ المَسِيحِ مَعَ بَرنابا إلى غَيرِ اليَهودِ، وَهُم يَتَّجِهونَ إلى اليَهودِ. 10 ولم يَطلُبوا مِنّا شَيئًا سِوى تَجميعِ المالِ لفُقَراءِ القُدسِ، وهو ما كُنتُ دائمًا أرغَبُ فيهِ بشِدّةٍ.
بولس يُعاتب صخرًا
11 ولمّا قَدِمَ صَخرٌ إلى مَدينةِ أنطاكيةَ، واجَهتُهُ أمامَ المَلإ في أمرٍ أتاهُ كانَ فيهِ على خَطإٍ جَسيمٍ. 12 إنّهُ كانَ يأكُلُ خُبزًا ومِلحًا مَعَ الإِخوانِ مِن غَيرِ اليَهودِ، إذ أقبَلَ عليهِ مِن عِندِ الأَخِ يَعقوبَ بَعضُ الرِّجالِ مِن اليَهودِ المؤمنينَ، فامتَنَعَ عن الأكلِ مَعَ إخوانِهِ وانزَوى ليأكُلَ وَحدَهُ خائفًا مِن انتِقادِ هؤلاءِ الّذينَ يُصِرُّونَ على خِتانِ كُلِّ أتباعِ المَسيحِ وتَهويدِهِم، حَتّى يَقبَلوهُم إخوةً لهُم في الإيمانِ.§ في ذلك الزّمن في الشّرق الأدنى القديم، كان تقاسُم الطّعام أمرًا مهمًّا جدًّا وهو تعبير عن قبول الآخر. وكان لتقاسم وجبة الطّعام بُعدٌ ديني في التفكير اليهودي. ومع ذلك، كان معظم اليهود لا يتقاسمون سوى الطّعام الذي خضع لقوانين الأكل الخاصّة بهم، إضافة إلى تقاليد أخرى تطوّرت بعد ذلك. وكانت هذه القوانين الخاصّة بالأكل مهمّة جدًّا بالنسبة إلى اليهود، حيث يُنبذ من الشعب كل يهوديّ يأكل الدّم. ومدحوا أبطال اليهود العظماء الذين عاشوا في الفترة التي سبقت مجيء السيّد المسيح مباشرة بسبب ولائهم لقوانين الأكل ورفضهم تناول طعام الأغراب. وشهدت فترة كتابة هذه الرّسالة توتّرًا كبيرًا بين اليهود وقوّات الاحتلال الرّوماني في فلسطين، لذلك كان من الطّبيعي بالنسبة إلى اليهود أن يحافظوا على التّقاليد التي تميّزهم عن بقيّة الشّعوب، أمّا بالنسبة إلى أتباع السيّد المسيح، فقد أظهروا منذ البداية روح الوحدة والإخاء من خلال تقاسُم وجبات الطّعام مع بعضهم بعضا (انظر سيرة الحواريّين 2: 42، 46). وقد وافق الحواري بطرس من قبلُ على أنّ هذه القوانين لا تخصّ أتباع المسيح من غير اليهود (سيرة الحواريّين 11: 1‏-18)، لكن يبدو أنّه قد غيَّرَ موقفه بسبب ضغط أتباع الحواري يعقوب. 13 وانساقَ مَعَهُ في هذا النِّفاقِ آخَرونَ مِن المؤمنِينَ اليَهودِ الموجودينَ هُناكَ، بل إنّ بَرنابا نَفسَهُ انقادَ إلى نِفاقِهِم، 14 فلمّا رَأيتُ أنَّهُم يَنحَرِفونَ عن نَهجِ سَيِّدِنا المُستَقيمِ، خاطبتُ بُطرُسَ الصَّخرَ على مَسمَعِ جَميع الحاضِرينَ: “أنتَ، يا صَخرُ، يَهوديُّ الأصلِ، ولكنّكَ لا تَكتَرِثُ لعاداتِ اليَهودِ. فكَيفَ تَرفُضُ إيمانَ غَيرِ اليَهودِ؟! ألَيسَ في امتِناعِكَ عن الأكلِ مَعَ المؤمنينَ، إجبارٌ لهُم على العاداتِ الّتي تَرَكتَها؟!”* يدلُّ رفض الحواري بطرس للأكل مع المؤمنين من غير اليهود، على رفضه الضمني لمساواة هؤلاء مع المؤمنين اليهود، وهو إقرار إلى حدٍّ ما أنهم غير طاهرين وغير مقبولين لدى الله ما لم يتّبعوا القوانين والتقاليد اليهوديّة الخاصّة بالأكل والختان والسّبت. ويشير بولس إلى أنّ بطرس بتصرّفه هذا إنّما يجبرهم على اتّباع مثل هذه العادات كشرط لقبولهم إخوة في الإيمان.
لا فرق بين المؤمنين
15 “اسمَعْ يا صَخرُ، نَحنُ يَهودٌ أَبًا عَن جَدٍّ، ولَسنا مِن الأغرابِ. ويوجدُ في شَعَبِنا مَن يَزعُمُ أنَّ غَيرَ اليَهودِ خَطَّاؤونَ لكَونِهِم أَغرابًا! 16 ونَحنُ اليَهودُ نَعلَمُ أنَّ اللهَ لا يَرضى عن النّاسِ بِسَبَبِ تَمَسُّكِهِم بشَكليّاتِ التَّوراةِ، بَل يَجعَلُ الإنسانَ مِن جَماعتِهِ بإيمانِهِ بسَيِّدِنا عيسى المَسيحِ، لذلِكَ آمَنّا بِالسَّيّدِ المَسيحِ كَي نَحظى بمَرضاةِ اللهِ، فلا نَكتَفي بشَكليّاتِ التَّوراةِ. إنَّ اللهَ لا يَرضى عن عِبادِهِ لأنّهُم مُتَمَسِّكونَ بشَكليّاتِ التَّوراةِ. لا يقلّل بولس من قيمة توراة النّبي موسى في حدّ ذاتها، لأنّه يؤكّد بوضوح أنّها مقدّسة ومستقيمة وطاهرة (انظر الرّسالة إلى مؤمني روما 7: 12). لكنّه يعارض الاستخدام الخاطئ للتوراة كأساس للقبول عند الله.
17 “يا صَخرُ، لن يَتَقَبَّلَنا اللهُ عِندَهُ إلاّ بحَقِّ سَيّدِنا المَسيحِ، وأمّا اليَهودُ الّذينَ يَقولونَ إنّنا خَطَّاؤونَ لأنَّنا نأكُلُ مَعَ الأجانِبِ مِن المؤمنينَ الّذينَ لا يَكتَرِثونَ لعاداتِ التَّوراةِ، فباطِلٌ ما يُرَوِّجونَهُ، أتَرى أنَّ السَّيِّدَ المَسيحَ يَدعونا إلى الآثامِ، حينَ يَطلُبُ مِنّا أن نأكُلَ مَعَ إخوانِنا الأَغرابِ؟! حاشا للهِ! إنّ ما أثار دهشة الحواري بولس هو اكتشافه أنّ إخوانهم المؤمنين اليهود قد اعتُبروه ورفاقه من الضّالّين بسبب تناولهم الطّعام مع المؤمنين من غير اليهود. فعلى الرّغم من أنّ اليهود وغيرهم قد آمنوا على حد سواء بسيّدنا المسيح كشرط لقبولهم لدى الله، فإنّ جماعة من الحواري يعقوب ظلّت تصرُّ على اعتبار المؤمنين من غير اليهود من الضّالّين، أي خارج شعب الله، شأن اليهود الذين تجاهلوا تلك الحدود والتّقاليد من خلال تناولهم الطّعام مع إخوانهم من غير اليهود. 18 فإذا عُدتُ إلى بِناءِ ما هَدَمتُهُ مِن عاداتِ الدِّينِ الَّتي كُنتُ أُدافِعُ عنها وأَحميها في الماضي، فإنّي أخونُ بذلِكَ إيماني بالسَّيِّدِ المَسيحِ!”
19 نعم، كُنتُ مُتَحَمِّسًا لِلتَّوراةِ، ولكنِّي تَحَرَّرتُ مِن حَماسَتي، وبُعِثتُ مِن قُيودِ تَقاليدِها، وحَسبي أن أَحيا الآنَ لمَرضاةِ اللهِ.§ كان بولس يهوديا متحمسًا للتوراة، وقد اضطَهَد بعنف المؤمنين بسيدنا عيسى (سلامه علينا) من أجل الحفاظ على الهوية المميزة لبني اسرائيل وحقوقهم. وفي تلك الفترة وجد نفسه يومًا وجهًا لوجهٍ مع السيد المسيح الذي انبعث حيًّا من الموت، ونتيجة ذلك اللقاء تغيَّرَ فهمُه تمامًا لشرع النّبي موسى ووعود ميثاق الله. 20 لكَأَنّي صُلِبتُ مَعَ السَّيِّدِ المَسيحِ ورَحَلَتْ حَياتي القَديمةُ، ولكنِّي الآنَ حَيٌّ لأنّ المَسيحَ يَحيا في قَلبي، وما حَياتي الآنَ، إلاّ حَياةُ الإيمانِ، وهو الإِيمانُ بالمَسيحِ، الابنِ الرُّوحيِّ للهِ الّذي أَحَبَّني فافتَداني بنَفسِهِ، 21 فكَيفَ أَكونُ بِفَضلِ اللهِ عليَّ كَفورًا؟ فلو كانَ الحُصولُ على مَرضاةِ اللهِ ناتِجًا عن الانتِماءِ إلى أهلِ التَّوراةِ، فلا حاجةَ إذن لتَضحيةِ السَّيّدِ المَسيحِ!* لقد أعادت تضحية السيّد المسيح وقيامته تشكيل شعب الله، فأخرجته من تحت حكم الدّيانة اليهوديّة إلى عالم جديد ما زال الله بصدد تشكيله.

*الفصل الثّاني:1 كان الحواري برنابا يهوديًّا من قبرص، وكان يعمل إلى جانب بولس على نشر رسالة السيّد المسيح (انظر سيرة الحواريّين 13: 1 -14: 28). كان تيتوس تابعا لسيّدنا عيسى، ولم يكن يهوديًّا. وقد عمل في وقت لاحق على نشر رسالة السيّد المسيح إلى جانب بولس في مدينة أفاسوس. ومن هناك أرسله بولس كمندوب له للمؤمنين في مدينة كورنتوس (انظر رسالة بولس الثّانية إلى مؤمني كورنتوس 8: 23). وبعد مرور بضع سنوات على هذا الحدث، تركه بولس في جزيرة كريت للإشراف على جماعات المؤمنين هناك (انظر الرّسالة إلى تيتوس 1: 5).

الفصل الثّاني:2 يردّ الحواري بولس على منتقديه في غلاطية الذين ادّعوا أن سلطته أقل شأنًا من سلطة الحواريين في القدس الشريف، ويشير أن ذهابه إلى القدس لم يكن استجابةً لدعوة الحواريين في القدس، أو استجابة لسلطة أي إنسان آخر، بل كان طاعة لأمر الله فقط.

الفصل الثّاني:5 بما أنّ اليهود ركّزوا باستمرار على الختان باعتباره علامة تميّزهم عن غيرهم، فجعلوا منه أساسا لهويّتهم، إذ اعتبر معظمهم المختونين فقط من اليهود، والمختونون وحدهم شركاء في ميثاق الله، وهم فقط المنتمون لشعب الله المختار. فليس من الغريب إذا أن يحاول بعض أتباع سيّدنا عيسى من اليهود فرض الختان على تيتوس (انظر سيرة الحواريّين 15: 5).

§الفصل الثّاني:12 في ذلك الزّمن في الشّرق الأدنى القديم، كان تقاسُم الطّعام أمرًا مهمًّا جدًّا وهو تعبير عن قبول الآخر. وكان لتقاسم وجبة الطّعام بُعدٌ ديني في التفكير اليهودي. ومع ذلك، كان معظم اليهود لا يتقاسمون سوى الطّعام الذي خضع لقوانين الأكل الخاصّة بهم، إضافة إلى تقاليد أخرى تطوّرت بعد ذلك. وكانت هذه القوانين الخاصّة بالأكل مهمّة جدًّا بالنسبة إلى اليهود، حيث يُنبذ من الشعب كل يهوديّ يأكل الدّم. ومدحوا أبطال اليهود العظماء الذين عاشوا في الفترة التي سبقت مجيء السيّد المسيح مباشرة بسبب ولائهم لقوانين الأكل ورفضهم تناول طعام الأغراب. وشهدت فترة كتابة هذه الرّسالة توتّرًا كبيرًا بين اليهود وقوّات الاحتلال الرّوماني في فلسطين، لذلك كان من الطّبيعي بالنسبة إلى اليهود أن يحافظوا على التّقاليد التي تميّزهم عن بقيّة الشّعوب، أمّا بالنسبة إلى أتباع السيّد المسيح، فقد أظهروا منذ البداية روح الوحدة والإخاء من خلال تقاسُم وجبات الطّعام مع بعضهم بعضا (انظر سيرة الحواريّين 2: 42، 46). وقد وافق الحواري بطرس من قبلُ على أنّ هذه القوانين لا تخصّ أتباع المسيح من غير اليهود (سيرة الحواريّين 11: 1‏-18)، لكن يبدو أنّه قد غيَّرَ موقفه بسبب ضغط أتباع الحواري يعقوب.

*الفصل الثّاني:14 يدلُّ رفض الحواري بطرس للأكل مع المؤمنين من غير اليهود، على رفضه الضمني لمساواة هؤلاء مع المؤمنين اليهود، وهو إقرار إلى حدٍّ ما أنهم غير طاهرين وغير مقبولين لدى الله ما لم يتّبعوا القوانين والتقاليد اليهوديّة الخاصّة بالأكل والختان والسّبت. ويشير بولس إلى أنّ بطرس بتصرّفه هذا إنّما يجبرهم على اتّباع مثل هذه العادات كشرط لقبولهم إخوة في الإيمان.

الفصل الثّاني:16 لا يقلّل بولس من قيمة توراة النّبي موسى في حدّ ذاتها، لأنّه يؤكّد بوضوح أنّها مقدّسة ومستقيمة وطاهرة (انظر الرّسالة إلى مؤمني روما 7: 12). لكنّه يعارض الاستخدام الخاطئ للتوراة كأساس للقبول عند الله.

الفصل الثّاني:17 إنّ ما أثار دهشة الحواري بولس هو اكتشافه أنّ إخوانهم المؤمنين اليهود قد اعتُبروه ورفاقه من الضّالّين بسبب تناولهم الطّعام مع المؤمنين من غير اليهود. فعلى الرّغم من أنّ اليهود وغيرهم قد آمنوا على حد سواء بسيّدنا المسيح كشرط لقبولهم لدى الله، فإنّ جماعة من الحواري يعقوب ظلّت تصرُّ على اعتبار المؤمنين من غير اليهود من الضّالّين، أي خارج شعب الله، شأن اليهود الذين تجاهلوا تلك الحدود والتّقاليد من خلال تناولهم الطّعام مع إخوانهم من غير اليهود.

§الفصل الثّاني:19 كان بولس يهوديا متحمسًا للتوراة، وقد اضطَهَد بعنف المؤمنين بسيدنا عيسى (سلامه علينا) من أجل الحفاظ على الهوية المميزة لبني اسرائيل وحقوقهم. وفي تلك الفترة وجد نفسه يومًا وجهًا لوجهٍ مع السيد المسيح الذي انبعث حيًّا من الموت، ونتيجة ذلك اللقاء تغيَّرَ فهمُه تمامًا لشرع النّبي موسى ووعود ميثاق الله.

*الفصل الثّاني:21 لقد أعادت تضحية السيّد المسيح وقيامته تشكيل شعب الله، فأخرجته من تحت حكم الدّيانة اليهوديّة إلى عالم جديد ما زال الله بصدد تشكيله.