الفصل الرّابع
التقرّب من الله
لِماذا كُلُّ هذا النِّزاعِ والخِصامِ بَينَ جَماعاتِكُم؟* يخبرنا الحواري يعقوب أنّ الله يهدي المؤمنين إلى السّلام لا إلى العنف الثّوري الذي دعت إليه طائفةُ المتحمّسين. كما يخاطب في هذا المقطع من رسالته الفقراءَ والمستضعفين، ويشجّعهم على الامتناع عن قتل مضطهديهم والاستيلاء على ممتلكاتهم ويدعوهم إلى رفض العمل الذي حثّهم عليه بعضُ رجال الدّين. أمّا يعقوب فقد خالف آراء الأغلبيّة السّاحقة من شعبه عندما دعا إلى تنجّب العنف. ألَيسَ مِن الأهواءِ والحَسَدِ ما يُؤدّي إلى خِصامٍ عَنيفٍ بَينَ أعضَائِكُم؟ إنّكُم تَشتَهونَ أمرًا فتَسعَونَ إليهِ حتّى تَحصُلوا عليهِ وبسَبَبِهِ تَقتُلونَ. وتَحسُدونَ غَيرَكُم، فإذا عَجِزتُم عَن نَيلِ ما تَرغَبونَهُ، تُخاصِمونَ وتُقاتِلونَ حَدَّ افتِكاكِهِ مِن أصحابِهِ! فهَل عَلِمتُم السَّبَبَ الّذي يَحولُ دونَ حُصولِكُم عليهِ؟ لأنّكُم لا تَطلُبونَهُ مِن اللهِ طَبعًا! حَتّى وإن طَلبتُم مِنهُ أمرًا، فإنّهُ لا يُعطِيكُم إيّاهُ، لأنّ نواياكُم سَيِّئةٌ، وتَسعونَ إلى إرضاءِ أنفُسِكُم فقط.
فأنتُم خائِنونَ كَزَوجَةٍ زانيةٍ! أفلا تَعلَمونَ أنّ في حُبِّ الدُّنيا عَداوةً للّهِ؟! أجل،‏ إنّ عاشِقَ الدُّنيا عَدوٌّ للهِ! ألا تَفهَمونَ ما يَعنيهِ الكِتابُ إذ يَقولُ: “إنّ الرُّوحَ الّتي حَلَّت فينا بأمرٍ مِن اللهِ تَغارُ علينا وتَدفَعُنا أن نَكونَ مُخلِصينَ”؟ ولكنّ اللهَ بفَضلِ إيمانِنا بِهِ، يَمنَحُنا قوَّةً لِكَي نَترُكَ الشَّهَواتِ الدُّنيويّةَ، كَما جاءَ في الكِتابِ أيضًا: “يَرُدُّ اللهُ المُتَكَبِّرينَ ويُنعِمُ على المُتَواضِعينَ”. يقتبس الحواري يعقوب هنا من التّرجمة اليونانيّة لسفر الأمثال 3: 34.
حَسَنًا، أسلِموا للهِ بخُضوعٍ، وقاوِموا إبليسَ، فيَهرُبَ مِنكُم. أقبِلوا إلى اللهِ، يُقبِل إليكُم. واغسِلوا أيدِيَكُم مِن ذُنوبِكُم وشُرورِكُم، أيُّها الخَطّاؤونَ، وطَهِّرُوا قُلوبَكُم يا مَن تَتَذَبذِبونَ بَينَ الوَلاءِ للهِ والوَلاءِ لِلدُّنيا! يدين يعقوب “التّذبذب”، فيطلب من القارئ أن يختار هداية الله المؤدّية إلى السّلام، أو سبيل الشّيطان المؤدّي إلى الكراهيّة والقتال. ويشير بـ “الأيدي” إلى أفعال النّاس، و”القلوب” إلى أفكارهم. فاحزَنوا على سَيِّئاتِكُم، واصرُخوا، وابكُوا. واجعَلوا ضَحَكاتِكُم السَّخيفةَ تَنقَلِبُ نُواحًا، وفَرَحَكُم يَنقَلِبُ غَمًّا. 10 وتَواضَعوا للهِ، يَرفعْكُم إلى مَقامٍ رَفيعٍ!
11 يا إخوتي،‏ لا يَغتَبْ بَعضُكم بَعضًا.‏ فمَن يُسِئ بكَلامِهِ إلى أخيهِ أَو يُدينَهُ، يُسِئ إلى أعظَمِ وَصيَّةٍ في الشَّريعةِ ويُدينُها.‏§ يشير الحواري يعقوب هنا إلى وصيّة سيّدنا عيسى الملكيّة (الوارد ذكرها في 2: 8) وتنصّ على “أن تحبّ جارك كما تحبّ نفسك،” ويحثّهم ألاّ ينتهكوها. لأنّكَ عِندَما تُدين الشَّريعةَ تَجعَلُ نَفسَكَ قاضيًا عليها ولا تَعمَلُ بها! 12 في حينَ أنّ اللهَ وَحدَهُ الحَكَمُ العَدلُ مَن أنزَلَ الشَّريعةَ، وهو القادِرُ على جَعلِ الإنسانَ مِن الهالِكينَ أو مِن النّاجينَ! فمَن تَخالُ نَفسَكَ حَتّى تُدينَ جارَكَ؟
التّحذير من التّكبّر
13 والآن انتَبِهوا يا مَن تَتَفَوَّهونَ مُتَكَبِّرينَ:‏ ‏“سنَذهَبُ اليَومَ أو غَدًا إلى ذلِكَ المَكانِ المَعلومِ،‏ ونُقيمُ هُناكَ عامًا نُتاجِرُ فيهِ ونَربَحُ.‏”‏‏ 14 مَهلاً! كَيفَ تُخَطِّطونَ وأنتُم تَجهَلونَ ما سيَحدُثُ غَدًا؟! فما هي حَياتُكُم إذن؟ فأنتُم لَستُم سِوى ضَباب يَظهَرُ لفَترةٍ وَجيزةٍ ثُمَّ يَختَفي! 15 بل عليكُم أن تَقولوا:‏ ‏“إن شاءَ اللهُ،‏ سَنَحيا وسنَفعَلُ هذا الأمرَ أو ذاكَ.‏”‏‏ 16 ولكنّكُم تَفتَخِرونَ بقُدرتِكُم، وتَعتَقِدونَ أنّكُم في غِنًى عَن عَونِ اللهِ.‏ وما هذا الافتِخارُ إلاّ شَرٌّ مُبينٌ.‏‏ 17 فَمَن يَعرِفُ الخَيرَ ولا يَفعَلُهُ، فهو مُذنِبٌ.

*الفصل الرّابع:1 يخبرنا الحواري يعقوب أنّ الله يهدي المؤمنين إلى السّلام لا إلى العنف الثّوري الذي دعت إليه طائفةُ المتحمّسين. كما يخاطب في هذا المقطع من رسالته الفقراءَ والمستضعفين، ويشجّعهم على الامتناع عن قتل مضطهديهم والاستيلاء على ممتلكاتهم ويدعوهم إلى رفض العمل الذي حثّهم عليه بعضُ رجال الدّين. أمّا يعقوب فقد خالف آراء الأغلبيّة السّاحقة من شعبه عندما دعا إلى تنجّب العنف.

الفصل الرّابع:6 يقتبس الحواري يعقوب هنا من التّرجمة اليونانيّة لسفر الأمثال 3: 34.

الفصل الرّابع:8 يدين يعقوب “التّذبذب”، فيطلب من القارئ أن يختار هداية الله المؤدّية إلى السّلام، أو سبيل الشّيطان المؤدّي إلى الكراهيّة والقتال. ويشير بـ “الأيدي” إلى أفعال النّاس، و”القلوب” إلى أفكارهم.

§الفصل الرّابع:11 يشير الحواري يعقوب هنا إلى وصيّة سيّدنا عيسى الملكيّة (الوارد ذكرها في 2: 8) وتنصّ على “أن تحبّ جارك كما تحبّ نفسك،” ويحثّهم ألاّ ينتهكوها.