المزمور الثّاني والعشرون
لِكبير المُنشدين. دُعاءُ الفجر. مزمورٌ للنّبيّ داود
إلهي، إلهي لِماذا تَرَكتَني
لِمَ لَمْ تُسارِعْ إلى نَجدَتي؟
لِمَ لمْ تَسمَعْ أَنيني؟
نَهارًا أَدعوكَ فَلا تَستَجيبُ،
ولَيلاً!
فَلا يَغمُضُ لي جَفنٌ
مع أنّكَ القُدُّوسُ على عَرشِكَ،
وفي المَدائِحِ الّتي يُجزِلُها لكَ بَنو يَعقوبَ
لا تَغيبُ
عليكَ تَوَكَّلَ آباؤُنا الأَوَّلونَ،
وفازُوا بِالنَّجاةِ
استَغاثُوا بِكَ فَنَجَّيتَهُم،
وعليكَ تَوَكَّلوا، فَلَم يَخِيبوا
أنا دودةُ الأرضِ، لا إنسانٌ،
تَحاماني الأنامُ كُلُّهُم؛
وأفـْرَدتَني النّاسُ
يَستَهزِئُ بي كُلُّ مَن يَراني
فَيَهُزُّ رَأسَهُ تَنَدُّرًا،
ويُزَرِّرُ بِعَينيْهِ والحاجِبَيْنِ
لَقَد تَوَكَّلَ على اللهِ!
لَعَلَّهُ يُنَجّيهِ
ويُنقذُهُ ما دامَ يَرضَى عَنهُ
أمّا أنتَ يا رَبِّ فَقَد أَخرَجتَنِي سالِمًا مِن ظَلامِ الرَّحِمِ،
وأنتَ الّذي جَعَلتَني أَثِقُ بِكَ؛ وأنا إلى صَدرِ أُمِّي
10 أنا في حِراسَتِكَ يا اللهُ، مُنذُ وِلادَتي،
وأنتَ إلهي، مُذْ حَمَلَتْني أُمّي
11 لا تَبتَعِدْ عنّي، فَالشَّدائِدُ تَشُدُّ عليَّ الخِناقَ!
ولَيسَ لي مِن وَليٍّ ولا نَصيرٍ
12 ألا ما أَكثَرَ الأعداءَ حَولي!
يا لَهُم مِن ثِيرانٍ شَرِسةٍ
إنّهُم ثِيرانُ بِلادِ باشانَ إذَ تُحدِقُ بي!
13 لقد فَغَرَتْ أَشداقَها عليَّ
كَأَسودٍ تَزأَرُ تَبغي افتِراسي
14 كَالماءِ المُهراقِ انسَكَبتُ
تَفَكَّكَتْ كُلُّ عِظامي
وقَلبي كَالشَّمعِ يَتَقاطَرُ في أحشائي
15 أينَ بَأسي!
لقد تَيَبّسَتْ كالفَخّارِ قُوَّتي،
وبحَنَكِي لَصَقَ لِساني
وأنتَ إلى رُفاتٍ حَوَّلتَني
16 الأشرارُ يُحِيطُونَ بي
كَعُصبةٍ مِن الكِلابِ تَكتَنِفُني
لقَد ثَقَبُوا يَدَيَّ ورِجلَيَّ
17 وَهَنتُ حتّى لأستَطيعُ أن أعُدُّ عِظامي،
فيما هُم يَنظُرونَ إليّ
وبي يَشمَتونَ
18 يَقتَسِمونَ ثِيابي بَينَهُم
وعلى مَلابِسي يَقتَرِعونَ
19 وأنتَ يا رَبُّ لا تَبتَعدْ عنّي!
ألا تُسرِعُ إلى نَجدَتِي يا إلهي!
20 ادفَعْ عنّي حُسامَهم يا رَبُّ،
ومِن بَطشِ هذِهِ الكِلابِ، احمِني!
21 نجِّني مِن أنيابِ الأُسودِ،
ومِن قُرونِ الثيرانِ المُتَوَحِّشةِ، يا رَبّ!
22 لأُرفَعنَّ اسمَكَ عاليًا عِندَ إخوَتي،
ولأحمَدنّكَ على النَّعماءِ؛ في مَحفَلِ الصّالِحينَ
23 أنتُم يا مَن تَخافونَ اللهَ! مَجِّدُوا المَولى!
أَنتُم كُلُّكُم يا ذُرِّيّةَ يَعقوبَ! سَبِّحُوا اللهَ!
وَلْتَرتَعِدْ فَرائِصُكُم، في حَضرَتِهِ
أَجَل هابُوهُ يا ذُرِّيَّةَ إسرائيلَ!
24 هُوَ الّذي لا يَنبُذُ المِسكينَ
هُوَ الّذي لا يَستَهِينُ أَبَدًا بِشَقائِهِ
هُوَ الّذي لا يَحتَجِبُ عَنهُ،
ألا إنّه السَّميعُ المُجيبُ
25 لأزجِيَنَّ إليكَ مَدائِحي يا رَبِّ، في المَحفَلِ العَظيمِ!
ولَأُوفِيَنَّ بِنُذوري، في حَضرَةِ عِبادِكَ المُتّقينَ!
26 سَيَأكُلُ المَساكينُ، ومِن خَيراتِكَ يَشبَعونَ
ويُسَبِّحُ بِاسمِكَ الّذينَ يَبتَغُونَكَ يا رَبّ!
لِيَدُمْ مَجدُكَ، وَلْتَكُنْ قُلُوبُهُم عامِرةً بِحَمدِكَ إلى الأبَدِ!
27 الأُمَمُ جَميعُها، في كُلِّ أَقاصِي الأرضِ، تَرفَعُ ذِكْرَ اللهِ
وإليهِ تُوَلّي وُجُوهَها
ولهُ تَسجُدُ شُعُوبُ العالَمِينَ
28 الحَمدُ لله، رَبِّ العالَمينَ!
مَلِكِ النّاسِ، إلهِ النّاسِ
29 الأثرِياءُ يَحتَفِلونَ، ولَهُ يَسجُدونَ
ولَهُ يَركَعُ الّذينَ خَلَقَهُم مِن سُلالةٍ مِن طِينٍ، وإلَيهِ يَعودونَ
وما هُم بِخالِدينَ
30 لتَعبُدَنّكَ ذُرِّيّتُنا يا رَبّ!
ولَتُخبِرَنَّ عَن شَأنِكَ الآتينَ
31 لَتُحَدِّثَنَّ بِإخلاصِكَ،
الجِيلَ الّذي سيُولَدُ،
هُوَ العَظيمُ بَدِيعُ الخَوارِقِ