الفصل الخامس
سيّدنا المسيح والكتاب
ثُمّ رَأيتُ في اليَدِ اليُمنى لِرَبِّ العَرشِ مَخطوطةً مَلفوفةً كُتِبَ عليها مِن الظّاهِرِ ومِن القَفا، وخُتِمَت بِسَبعةِ خُتومٍ. ورَأيتُ مَلاكًا قَوِيًّا، يَرفَعُ صَوتَهُ عالِيًّا: “مَن ذا الّذي يَستَحِقُّ أن يَفُكَّ الخُتومَ ويَفتَحَ الكِتابَ؟” فعَجَزَ السّامِعونَ، سَواءٌ مِنهُم مَن كانَ في الغَيبِ أو على الأرضِ أو في الأرضِ السُّفلى أن يَفتَحُوا الكِتابَ ويَنظُروا ما فيهِ. فأجهَشتُ بالبُكاءِ إذ لم يَكُن مِن بَينِهِم مَن يَستَحقُّ أن يَفتَحَ الكِتابَ ويَنظُرَ ما فيهِ. فقالَ لي أحَدُ الشُّيوخِ الحاضِرينَ: “لا تَبكِ. إنّ سَيِّدَنا عيسى قادِرٌ على فَتحِ الكِتابِ وخُتومِهِ السَّبعةِ. إنّهُ كانَ في قَبيلةِ يَهُوذا أسَدًا هَصُورًا، وهو وَريثُ عَرشِ النَّبيِّ داودَ على المَوتِ مَنصورًا”.
وإذا بي أرى سَيِّدَنا عيسى، الذِّبحَ العَظيمَ، واقِفًا بَينَ العَرشِ والشُّيوخِ والكائِناتِ الأربَعةِ الحَيّةِ، وهَيئتُهُ كَأنّما هَيئةُ الكَبشِ الذّبِيحِ، ولهُ سَبعةُ قُرونٍ تَرمُزُ إلى سُلطانِهِ العَظيمِ، ولهُ سَبعةُ أعيُنٍ أيضًا، ألا وهي المَلائكةُ السَّبعةُ الكِبارُ، أُولئكَ الّذينَ أرسَلَهُم اللهُ إلى أرجاءِ الأرضِ كُلِّها.* اعتبر القدامى أنّ الأسد رمز للقوّة والحمل رمز للوداعة والضعف. لذا فإنّ الحمل المذبوح يتناقض في دلالته مع الأسد المهيمن (انظر كتاب النبي أشعيا، 53: 7). واستعمل اليهود في تأويلاتهم صورة الأسد للدلالة على المسيح المنتظر كبطل حرب. وجاءت في تلك الفترة أيضا نصوص يهودية تصف الحمل أو الكبش بقائد حربي منتصر، وهي نصوص تخبر عن قيام الساعة. وارتبط الحمل أو الكبش بأنواع مختلفة من الأضاحي، ولكن الحمل يرمز هنا تحديدا إلى الكبش الذي ذُبح في عصر النبي موسى لكي لا يأخذ ملاكُ الموت أبكارهم مع أبكار المصريين (انظر التوراة، سفر الخروج، 12: 12 – 13). أمّا قرن الكبش فيرمز إلى السلطة التي تمّت الإشارة إليها في الفصل الثامن من كتاب النبي دانيال. واعتبر رقم (7) رمزا للكمال، وترمز القرون السبعة إلى القوة الكاملة. وتشير العيون السبعة التي أرسلت إلى الأرض إلى نبوءات النبي زكريّا بن بَرَكيّا، وربّما أشارت إلى الملائكة لأنّ العيون كانت ترمز في زمن النبي زكريا إلى المبعوثين من طرف ملك الفرس. ويرتبط رمز العيون في نبوءات النبي زكريا بالله، أما في كتاب الرؤيا فيرتبط بالسيد المسيح. فتَقَدَّمَ وأخَذَ الكِتابَ مِن اليَدِ اليُمنى لِرَبِّ العَرشِ العَظيمِ. فلمّا أخَذَهُ، رَكَعَتْ الكائِناتُ الأربَعةُ أمامَ سَيِّدِنا المَسيحِ، ورَكَعَ الشُّيوخُ الأربَعةُ والعِشرونَ أيضًا. وكانَ مَعَ كُلِّ واحِدٍ مِنهُم قِيثارةٌ وكُؤوسٌ مِن ذَهَبٍ مُلِئَت بَخورًا، أي دُعاءَ الصّالِحينَ. وكانوا يُنشِدونَ أُنشُودةً جَديدةً: “أنتَ مَن يَستَحِقُّ أخْذَ هذا الكِتابِ وفَتحَ خُتومِهِ، فقد كُنتَ عِندَها مَذبُوحًا، وكانَ دَمُكَ الزَّكيُّ مَسفُوكًا، وبِذلِكَ افتَدَيتَ أُناسًا كُثُرًا ليَكونوا مِن خاصّةِ اللهِ، مِن كُلِّ قَبيلةٍ ولُغةٍ وشَعبٍ وأُمّةٍ، 10 وجَعَلتَهُم مَملَكةً مِن الأحبارِ لِرَبِّنا، ويَحكُمونَ كَمُلوكٍ على الأرضِ”.
11 وفي الرُّؤيا سَمِعتُ صَوتَ مَلايينَ مِن المَلائكةِ يُحيطونَ بِالعَرشِ والكائِناتِ الحَيّةِ والشُّيوخِ. 12 وكانوا يُرَدِّدونَ بِصَوتٍ عالٍ: “إنّ سَيِّدَنا عيسى، الكَبشَ الذّبيحَ، جَديرٌ أن يَنالَ القُوّةَ والثَّروةَ والحِكمةَ والقُدرةَ والكَرامةَ والجَلالَ والتَّسبيحَ”. 13 ثُمّ سَمِعتُ كُلَّ المَخلوقاتِ سَواءٌ كانَت في الغَيبِ أو على الأرضِ أو في الأرضِ السُّفلى أو في البَحرِ، سَمِعتُهُم يُنشِدونَ جَميعًا: “الحَمدُ والكَرامةُ والجَلالُ والقُدرةُ لِرَبِّ العَرشِ، ولِعيسى الذِّبحِ العَظيمِ، إلى أبَدِ الآبِدينَ”. 14 وهُنا رَدَّتِ الكائِناتُ الحَيّةُ الأربَعةُ: “آمين”، وجَثا الشُّيوخُ ساجِدينَ.

*الفصل الخامس:6 اعتبر القدامى أنّ الأسد رمز للقوّة والحمل رمز للوداعة والضعف. لذا فإنّ الحمل المذبوح يتناقض في دلالته مع الأسد المهيمن (انظر كتاب النبي أشعيا، 53: 7). واستعمل اليهود في تأويلاتهم صورة الأسد للدلالة على المسيح المنتظر كبطل حرب. وجاءت في تلك الفترة أيضا نصوص يهودية تصف الحمل أو الكبش بقائد حربي منتصر، وهي نصوص تخبر عن قيام الساعة. وارتبط الحمل أو الكبش بأنواع مختلفة من الأضاحي، ولكن الحمل يرمز هنا تحديدا إلى الكبش الذي ذُبح في عصر النبي موسى لكي لا يأخذ ملاكُ الموت أبكارهم مع أبكار المصريين (انظر التوراة، سفر الخروج، 12: 12 – 13). أمّا قرن الكبش فيرمز إلى السلطة التي تمّت الإشارة إليها في الفصل الثامن من كتاب النبي دانيال. واعتبر رقم (7) رمزا للكمال، وترمز القرون السبعة إلى القوة الكاملة. وتشير العيون السبعة التي أرسلت إلى الأرض إلى نبوءات النبي زكريّا بن بَرَكيّا، وربّما أشارت إلى الملائكة لأنّ العيون كانت ترمز في زمن النبي زكريا إلى المبعوثين من طرف ملك الفرس. ويرتبط رمز العيون في نبوءات النبي زكريا بالله، أما في كتاب الرؤيا فيرتبط بالسيد المسيح.