الفصل الحادي والعشرون
خلق الله الجديد
وقد تَجَلَّت أمامي سَماءٌ جَديدةٌ وأرضٌ جَديدةٌ، بَعدَ اختِفاءِ السَّماءِ الأُولى والأرضِ الأُولى، وغابَ البَحرُ عنِ الأرضِ الجَديدةِ. ورأيتُ المَدينةَ المُقَدَّسةَ، وهِي المَكانُ القُدسِيُّ الجَديدُ، تَنزِلُ مِن السَّماءِ مِن عِندِ اللهِ كعَروسٍ تَبَرَّجَت وتَهَيّأت لِلِقاءِ زَوجِها. وسَمِعتُ صَوتًا عاليًا لهاتِفٍ انبَعَثَ مِن قُربِ عَرشِ اللهِ المَجيدِ قائِلاً: “الآنَ يَتَجَلّى اللهُ بَينَ العالَمينَ ويَحِلُّ بَينَهُم، ومِن الآنَ تُصبِحُ شُعوبُ العالَمِ كُلِّها عِبادَهُ الصّالِحينَ، إنّ اللهَ رَفيقُهُم الأعلى. ومِن عُيونِهِم يُكَفكِفُ تَعالى كُلّ دَمعةٍ. فلا مَوتَ يَتَسَلَّطُ عليهِم بَعدَ الآنَ، ولا بُكاءَ ولا ألمَ يُصيبُهُم ولا هُم يَحزَنونَ، فكُلُّ ما مَضى، قدِ انتَهى وانقَضى”.
وأوحى إليّ رَبُّ العَرشِ: ““إنّي خالِقٌ الآنَ كُلَّ شَيءٍ مِن جَديدٍ”. ثُمّ أوحى إليّ ثانيةً: “أُكتُبْ ما يَلي: إنّ هذا كَلامُ صِدقٍ وحقٍّ مُبينٍ”. وقالَ أيضًا: “لقد قُضِي الأمرُ. أنا الألِفُ والياءُ، البِدايةُ والنِّهايةُ. أروي كُلَّ ظَمآنٍ مِن يَنبوعِ ماءِ الخُلدِ بِلا حِسابٍ. إنّ هذا جَزاءُ الفائِزينَ، وأنا أكونُ رَبَّهُم، وهُم يَكونونَ أهلَ بَيتي الأحِبّاءَ. أمّا الجُبَناءُ والكُفّارُ والفاسِدونَ، والمُجرِمونَ والفُجّارُ والسَّحَرَةُ وعَبَدَةُ الأصنامِ والكذّابونَ، فمَصيرُهُم الوُقوعُ في البُحيرةِ المُتَّقِدةِ نارًا وحِجارةَ كِبريتِ مُشتَعِلة. وهذِهِ البُحيرةُ هي الهَلاكُ المُنتَظَر، ومَعناهُ الهَلاكُ في النّارِ”.
المدينة المقدّسة الجديدة
وأقبَلَ عليّ أحَدُ المَلائِكةِ السَّبعةِ أولئكَ الّذينَ سَكَبوا كؤوسَهُم السَّبعَ المَليئةَ بِالبَلايا السَّبعِ الأخيرةِ، وقالَ لي: “أقبِلْ لأُرِيك جَماعةَ المؤمنينَ، الّذينَ تَهيَّؤوا لِمَولانا عيسى الذِّبحِ العَظيمِ، كَما تَتَهَيّأُ العَروسُ لزَوجِها الكَريمِ”. 10 وأخَذَني المَلاكُ بِقُوّةِ رُوحِ اللهِ إلى جَبَلٍ شاهِقٍ، وأراني المَكانَ القُدُسيّ الجَديد، إنّهُ المَدينةُ المُقَدَّسةَ وهي تَنزِلُ مِن السَّماءِ مِن عِندِ اللهِ، 11 تَتَألّقُ بِما عليها مِن جَلالٍ، وتَتَلألأُ نورًا وجَمالاً كَحَجَرٍ كَريمٍ وكَاليَشبِ والبِلّورِ النَّقيِّ. 12 ويُحيطُ بها سُورٌ ضَخمٌ عالٍ، وفيهِ اثنتا عَشَرة بَوّابةٍ يَحميها اثنا عَشَر مَلاك. وقد كُتِبَ على كُلِّ بابٍ اسمٌ مِن أسماءِ عَشائِرِ بَني يَعقوبَ الاثنَي عَشَر، 13 ثلاثُ بَوّاباتٍ مِنها مِن الشَّرقِ، وثَلاثٌ مِن الشّمالِ، وثَلاثٌ مِن الجَنوبِ، وثَلاثٌ مِن الغَربِ. 14 ويَقومُ سُورُ المَدينةِ على اثنَتَي عَشَرة رَكيزةٍ، كُتِبَ عليها أسماءُ الحَواريّينَ الاثني عَشَر الّذينَ أرسَلَهُم سَيِّدُنا عيسى الذِّبحُ العَظيمُ.
15 وكانَ المَلاكُ الّذي كَلَّمَني يَحمِلُ عَصا قِياسٍ مِن ذَهَبٍ لِيَقيسَ بِها المَدينةَ وبَوّاباتِها وسُورَها. 16 وكانَتِ المَدينةُ مُكَعَّبةً في شَكلِها، لا فَرقَ بَينَ عَرضِها وطُولِها وعُلوّها. فقاسَها المَلاكُ بِالعَصا، فكانَت مَساحتُها ألفًا وخَمسَ مِئةِ ميلٍ وفيها تَتَساوى الأبعادُ.* يمثّل المحراب الأقدس في بيت الله الذي بناه النبي سليمان الكعبة المثلى والكاملة آذاك، شأن الخيمة المقدسة التي سبقته في زمن النبي موسى. وفي هذا المقطع تذكّر المدينة الموصوفة على أنها مكعّب القرّاء بهذه المواقع التاريخية التي تجلّى فيها الله. 17 ثُمّ قاسَ عَرضَ السُّورِ فرأى أنّهُ مِئةٌ وأربَعةٌ وأربَعونَ ذِراعًا، يساوي عرض السور المذكور هنا تقريبا 65 مِتْرًا. وكانَ المَلاكُ يَقيسُ بِالذِّراعِ الّتي يَقيسُ بِها البَشَرُ.
18 وكانَ السُّورُ مِن اليَشبِ، والمَدينةُ مِن الذَّهَبِ النَّقيِّ كأنّهُ البِلّورُ الشّفّافُ. 19 وقد زُيِّنَت رَكائِزُ السُّورِ بِكُلِّ أنواعِ الحَجَرِ الكَريمِ: فالرَّكيزةُ الأُولى يَشبٌ، والثّانِيةُ ياقوتٌ أزرقُ، والثّالِثةُ عَقيقٌ أبيَضُ، والرّابِعةُ زُمُرُّدٌ، 20 والخامِسةُ عَقيقٌ قاتِمٌ، والسّادِسةُ عَقيقٌ أحمَرُ، والسّابِعةُ زَبَرجَدٌ، والثّامِنةُ زُمُرُّدٌ سِلقيٌّ، والتّاسِعةُ ياقوتٌ أصفَرُ، والعاشِرةُ عَقيقٌ أخضَرُ، والحادِيةَ عشرة فَيروزٌ، والثّانِيّةَ عشرةَ جَمَشْتٌ. 21 وكانَت البَوّاباتُ الاثنَتا عَشَرة تُشبِهُ اثنَتَي عَشَرة لُؤلُؤة، وكُلُّ بابٍ صُنِعَ مِن لُؤلُؤةٍ واحِدةٍ تَفوقُ الوَصفَ. أمّا ساحةُ المَدينةِ فكانَت مِن ذَهَبٍ خالِصٍ كالزُّجاجِ الشّفّافِ.
22 ولم أجِد في المَدينةِ بَيتًا لِلعِبادةِ لأنّ اللهَ المَولى القَديرَ، وسَيِّدَنا عيسى الذِّبحَ العَظيمَ، هُما بِمَثابةِ بَيتٍ وقِبلةٍ للمؤمنينَ. 23 ولا حاجةَ في المَدينةِ إلى نُورِ الشَّمسِ أوِ القَمَرِ، فبَهاءُ اللهِ نورٌ لها، والذِّبحُ العَظيمُ مِصباحُها المُنيرُ. 24 وبنُورِ المَدينةِ تَهتَدي الأُمَمُ، ويَجيءُ مُلوكُ الأرضِ بِكُنُوزِهِم إليها فَرِحينَ. 25 وتَظَلُّ بَوّاباتُ المَدينةِ مَفتوحةً على مَصراعيها طُول النَّهارِ ولن تُوصَد، ولن يَقتَرِب اللَّيلُ مِنها بَعدَ الآنَ. 26 ويأتي إليها النّاسُ مِن كُلِّ الأُمَمِ مُحَمَّلينَ بِكُنوزِهِم ومُمتَلَكاتِهِم، فيُقَدِّمونَها إكرامًا للهِ. 27 ولن يَدخُل النّجِسونَ المَدينةَ، ولا عَبَدَةُ الأصنامِ، ولا الكاذِبونَ، إنّما يَدخُلُها الّذينَ دُوِّنَت أسماؤهُم في سِجِلِّ الخالِدينَ، سِجِلِّ سَيِّدِنا عيسى الذِّبحِ العَظيمِ.

*الفصل الحادي والعشرون:16 يمثّل المحراب الأقدس في بيت الله الذي بناه النبي سليمان الكعبة المثلى والكاملة آذاك، شأن الخيمة المقدسة التي سبقته في زمن النبي موسى. وفي هذا المقطع تذكّر المدينة الموصوفة على أنها مكعّب القرّاء بهذه المواقع التاريخية التي تجلّى فيها الله.

الفصل الحادي والعشرون:17 يساوي عرض السور المذكور هنا تقريبا 65 مِتْرًا.