مدخل إلى رسالة تسالونكي الأولى
تسالونكي هي مدينة بحريّة كبيرة تقع في منطقة ما يُعرف اليومَ بشَمال اليونان، وكانت عاصمةَ مقاطعة مقدونيا الرّومانية، ومركزا تجاريّا هامّا يقع في مفترق الطرق الرئيسية. وكان عددُ سكانها ما يقارب 200,000 نسمة وكان بينهم عددٌ من اليهود الذين يملكون مكانًا خاصًّا للعبادة. ومثّلت هذه المدينةُ مركزًا لعبادة آلهة الإغريق ومصر.
وكوّن الحَواري بولس ورفاقُه سنة 50 للميلاد تقريبًا، جماعةً جديدةً من المؤمنين أقام بينها فترةً من الزمن لتثبيت إيمانهم، وهو ما جاء في سيرة الحواريين (17: 1‏-14). ولكنّ هذه الجماعةَ سرعانَ ما اصطدمت بمقاومة بعض اليهود الذين شعروا بالغيرة وخسران تعاطف الناس معهم حين شرع العديدُ منهم في اتّباع رسالة سيدنا عيسى المسيح (سلامه علينا). فاضطُرّ بولس ورفاقُه إلى مغادرة تسالونكي والذهابِ إلى أماكن أخرى. فتوجّه بولس إلى أثينا في مقاطعة أخائية جنوبَ اليونان (انظر سيرة الحواريين 17: 15‏-33)، ثمّ إلى مدينة كورنتوس، حيث التحق به رفيقُه تيموتاوي الذي حمل معه معلوماتٍ عن حالة المؤمنين في تسالونكي (سيرة الحواريين 18: 1‏-5). وكتب بولس رسالته هذه بعد اطلاعه على تلك المعلومات، وحدث هذا تقريبًا سنة 51 للميلاد.
إنّ محبّةَ بولس لمؤمني تسالونكي واضحةُ من خلال إشاراته العاطفية إلى إيمانهم الرّاسخ (1: 3‏-10، 2: 14، 3: 6‏-9)، وحسرتِه على عدم تَمَكّنه من العودة إليهم من جديد (2: 17‏-20). وفي هذه الرسالة يُشجّعهم على مواجهة مِحَنِهم (3: 3‏-5)، ويكتب إليهم عن الحياة الصالحة (4: 1‏-12)، ويحثّهم على الاستعداد لِتَجلّي سيدنا عيسى المسيح ملِكًا مُتوَّجًا (5: 1‏-11)، ويُخبرهم عن مصير المؤمنين الذين سيموتون قبلَ حلول ذلك اليوم (4: 13‏-18).
بسم الله تبارك وتعالى
رسالة الحَواريّ بولُس الأولى إلى أحباب الله في تَسالونْكي
الفصل الأوّل
تحيّة
هذِهِ الرِّسالةُ مِن بولُس وسِلواني وتيموتاوي،* كان سِلواني وتيموتاوي مرافقيْن لبولس عندما أعلن البشارة بالمملكة الربّانيّة في تسالونكي. وقد ساعداه هناك في تنظيم جماعة المؤمنين الجُددِ وتثبيتِ إيمانهم. إلى جَماعةِ أحبابِ اللهِ في مَدينةِ تَسالونْكي، المُعتَصمينَ باللهِ الأبِ الصَّمَدِ، وبسَيِّدِنا عيسى المَسيحِ. السَّلامُ عَليكُم ورَحمةُ اللهِ.
الحمد لله على إيمان جماعة تسالونكي
إنّا نَحمَدُ اللهَ دائمًا مِن أجلِ إيمانِكُم، ونُواظِبُ على الدُّعاءِ مِن أجلِكُم. نعم، نَحمَدُ الله أبانا الرَّحمنَ حينَ نَذكُرُ حَسَناتِكمُ الّتي تَنبَعُ مِن إيمانِكُم ومِن مَحَبّتِكُم للنّاسِ ومِن جُهودِكُم في مُساعَدتِهِم، ومِن ثَباتِ يَقينِكُم بِسَيِّدِنا عيسى المَسيحِ. يا إخوتَنا في الإيمانِ، إنّنا نَعلَمُ أنّ اللهَ يُحِبُّكُم وأنّهُ اختارَكُم لأُمّتِهِ، اعتبر شعب بني يعقوب نفسَه الشّعبَ المختار، ولكنّ الحواري بولس يستعمل هذا المصطلح لوصف المؤمنين في تسالونكي، مع أنّ أغلبهم من غير اليهود. لأنّنا حينَ بَلَّغناكُم بُشرى سَيِّدِنا المَسيحِ، لم يَكُن ذلِكَ مُجَرَّدَ كَلامٍ، بَل كانَ مَصحوبًا بقوّةِ اللهِ ورُوحِهِ تَعالى الّتي أظهَرَت لكُم صِدقَ رِسالتِنا، فازدادَ يَقينُكُم بِها. وأنتُم تَعلَمونَ مِن خِلالِ سِيرتِنا عِندَما كُنّا بَينَكُم كَيفَ سَعَيْنا لفائدتِكُم، ولهذا السَّبَبِ قَبِلتُم الرِّسالةَ بفَرَحِ رُوحِ اللهِ، رَغمَ الضّيقِ الّذي كُنتُم تُواجِهونَهُ. غضب مُعظَم الوثنيين عندما رأوا اليهود يُهوّدون الكثير من الوثنيين ويُبعدونهم عن دينهم. ولكنّ أتباع سيّدنا عيسى (سلامُهُ علينا) كانوا أكثر توفيقًا من اليهود في هداية الوثنيين إلى رسالتهم، ولذلك كان عداء الوثنيين لهم أشدَّ من عدائهم لليهود. وهكذا فأنتُم تَقتادونَ بسَيِّدِنا عيسى أوّلاً وتَقتادونَ بِنا ثانيًا، فأصبَحتُم قُدوةً لكُلِّ المؤمنينَ في اليونانِ، مِن مَقدونيا في الشّمالِ إلى أخائيّة في الجَنوبِ.§ قُسِّمتْ اليونان في ذلك الزمن إلى مقاطعتين رومانيتين، مَقدونيا في الشمال وأخائية في الجنوب. لأنّ عَمَلَكُم لم يَقتَصِر على نَشرِ رِسالةِ السَّيِّدِ المَسيحِ في اليونانِ فحَسبُ، بل انتَشَرَت أخبارُ إيمانِكُم باللهِ في كُلِّ الأرجاءِ، فلا حاجةَ بِنا إلى تأكيدِها. إنّ النّاسَ يُرَدِّدونَ كَيفَ رَحَّبتُم بِنا عِندَما أتيناكُم بِبَلاغِ البُشرى، ووَلَّيتُم وُجوهَكُم عن الأصنامِ واهتَدَيتُم إلى اللهِ الحَيِّ الحَقِّ.* كان معظم المؤمنين بسيّدنا عيسى (سلامه علينا) في تسالونكي من غير اليهود، وكانوا سابقًا من عبدة الآلهة المحليّة في غالب الأحيان. 10 ويُرَدِّدونَ أيضًا أنّكُم تَنتَظِرونَ في شَوقٍ تَجَلّي الابنِ الرُّوحيّ للهِ مَلِكًا مِن السَّماءِ. إن مصطلح “الابن الرّوحي لله” هنا تعريب للمصطلح الذي يُترجَم عادةً بكلمة “ابن”. وفي كتب الأنبياء الأقدمين كان هذا المصطلح لقبًا لملِك بني يعقوب الذي يختاره الله، وهو لا يعني التناسل، ولكنه يشير إلى الصلة الوثيقة التي تربط بين سيدنا عيسى والله. ومكانتُه (سلامُهُ علينا) عند الله تضاهي مكانة البكر في العائلة. ويرى البعض في هذا تلميحًا إلى أنّه الكلمة الأزلية التي ألقاها الله إلى مريم العذراء فصارت بشرًا. نعم، سَيِّدُنا عيسى الّذي أحياهُ اللهُ مِن بَينِ الأمواتِ! وبِهِ نَنجو مِن أهوالِ يَومِ الدِّينِ! برهنت قيامةُ سيّدنا عيسى (سلامه علينا) من الموت على أنّ كلّ عباد الله الصالحين سيُبعثون أحياء من الموت ومصيرهم الجنة. (انظر رسالة كورِنتوس الأولى، 15: 20‏-23)

*الفصل الأوّل:1 كان سِلواني وتيموتاوي مرافقيْن لبولس عندما أعلن البشارة بالمملكة الربّانيّة في تسالونكي. وقد ساعداه هناك في تنظيم جماعة المؤمنين الجُددِ وتثبيتِ إيمانهم.

الفصل الأوّل:4 اعتبر شعب بني يعقوب نفسَه الشّعبَ المختار، ولكنّ الحواري بولس يستعمل هذا المصطلح لوصف المؤمنين في تسالونكي، مع أنّ أغلبهم من غير اليهود.

الفصل الأوّل:6 غضب مُعظَم الوثنيين عندما رأوا اليهود يُهوّدون الكثير من الوثنيين ويُبعدونهم عن دينهم. ولكنّ أتباع سيّدنا عيسى (سلامُهُ علينا) كانوا أكثر توفيقًا من اليهود في هداية الوثنيين إلى رسالتهم، ولذلك كان عداء الوثنيين لهم أشدَّ من عدائهم لليهود.

§الفصل الأوّل:7 قُسِّمتْ اليونان في ذلك الزمن إلى مقاطعتين رومانيتين، مَقدونيا في الشمال وأخائية في الجنوب.

*الفصل الأوّل:9 كان معظم المؤمنين بسيّدنا عيسى (سلامه علينا) في تسالونكي من غير اليهود، وكانوا سابقًا من عبدة الآلهة المحليّة في غالب الأحيان.

الفصل الأوّل:10 إن مصطلح “الابن الرّوحي لله” هنا تعريب للمصطلح الذي يُترجَم عادةً بكلمة “ابن”. وفي كتب الأنبياء الأقدمين كان هذا المصطلح لقبًا لملِك بني يعقوب الذي يختاره الله، وهو لا يعني التناسل، ولكنه يشير إلى الصلة الوثيقة التي تربط بين سيدنا عيسى والله. ومكانتُه (سلامُهُ علينا) عند الله تضاهي مكانة البكر في العائلة. ويرى البعض في هذا تلميحًا إلى أنّه الكلمة الأزلية التي ألقاها الله إلى مريم العذراء فصارت بشرًا.

الفصل الأوّل:10 برهنت قيامةُ سيّدنا عيسى (سلامه علينا) من الموت على أنّ كلّ عباد الله الصالحين سيُبعثون أحياء من الموت ومصيرهم الجنة. (انظر رسالة كورِنتوس الأولى، 15: 20‏-23)