الفصل الثّالث
الزّوجات والأزواج
وأنتُنّ أيضًا أيّتُها النِّساءُ المؤمِناتُ، اِحتَرِمْنَ مَكانةَ أزواجِكُنّ، حَتّى وإن كانوا مُتَمَرِّدينَ على رِسالةِ اللهِ، فإنّ سِيرَتَكُنّ ستَجذِبُهُم نَحوَ الإيمانِ بسَيِّدِنا عيسى دونَما حاجةٍ إلى إقناعِهِم بِالكَلامِ، وذلِكَ حينَ يُبصِرونَ أنّ سِيرتَكُنَّ تَتّصِفُ بالتَّقوى والوَقار والعِفَّةِ. فلْيَكُنْ جَمالُكُنّ لا في الزِّينةِ الخارجيّةِ، كأشكالِ تَصفيفِ الشَّعرِ، أو التَّحَلِّي بالذَّهَبِ والجَواهِرِ أو ارتِداءِ الثّيابِ الفاخِرةِ، بَل إنّ الجَمالَ أيّتُها الأخَواتُ، يَكمُنُ في أعماقِ قُلوبِكُنّ وهو بَهاءٌ خالِدٌ في نُفوسٍ وَديعةٍ مُطمَئنةٍ، وهو عِندَ اللهِ عَظيمُ الثَّمَنِ. كذلِكَ النِّساءُ الصّالِحاتُ المُتَوَكِّلاتُ على اللهِ كُنَّ يَتَزَيّنّ في القَديمِ، مِن خِلالِ احتِرامِهنّ لأزواجِهِنّ، شأنَ سارَّةَ زَوجةِ أبينا إبراهيمَ (عليه السّلام)، فقد كانَت تُطيعُهُ وتَدعوهُ سَيِّدَها، والمؤمِنات اليَومَ هُنّ بَناتُها، إن فَعَلْنَ الخَيرَ، ولم يَستَسْلِمنَ للخَوفِ مِن رُدودِ أفعالِ أزواجِهِنّ.
وأنتُم، أيُّها الأزواجُ، اسْكُنوا لزَوجاتِكُم مُراعاةً لكَوْنِهِنّ أضعَفَ مِنكُم. وأكرِموهُنّ لأنّهُنّ يَرِثنَ مِثلُكُم ما أنعَمَ اللهُ علينا مِن خُلدٍ، وإلاّ فإنّ اللهَ لن يَستَجِيبَ لِدُعائِكُم.
تحمّل العذاب في سبيل الخير
وأخيرًا، تَعايَشوا مَعًا في وِفاقٍ، وأشفِقوا على بَعضِكُم بَعضًا وتَبادَلوا المَحَبّةَ فيما بَينَكُم بكُلِّ لُطفٍ وتَواضُعٍ، فإن أساءَ إليكُم أحَدٌ، فلا تَرُدُّوا على الإساءَةِ بإساءَةٍ، ولا على الإهانةِ بإهانةٍ. بلِ اطلُبوا لهُ بَرَكاتِ اللهِ فاللهُ دَعاكُم إلى هذا، لِكَي تَرِثُوا بَرَكاتِهِ تَعالى. 10 وقد جاءَ في كِتابِ الزَّبورِ: “مَن أرادَ أن يَكونَ مُفلِحًا ويَعيشَ سَعيدًا فليُمسِك لِسانَهُ عن قَولِ الشّرِّ، وشَفتَيهِ عن نُطقِ المَكرِ، 11 وَلْيَنْأ بِنَفسِهِ عن الشَّرِّ، ويَعمَلِ الخَيرَ، ويَبْغِ السَّلامَ ويَسعَ إليهِ. 12 إنّ اللهَ بَصيرٌ بشُؤونِ عِبادِهِ المُخلِصينَ، وهو لدُعائِهِم سَميعٌ عَليمٌ. ولكنّهُ يُقاوِمُ فاعِلي الشَّرِّ”.* كتاب الزبور، مزمور 34: 12‏-16.
13 فإن تَحَمَّستُم لِلخَيرِ، فَمَن ذا الّذي يَسعى إلى أذيّتِكُم؟ 14 ولئِن ظُلِمتُم في سَبيلِ إرضاءِ اللهِ، فهَنيئًا لكُم! فقد وَرَدَ قَولُهُ تَعالى على لِسانِ نَبيِّهِ أشعيا (عليه السّلام): “لا تَخافوا مِن تَهديدِهِم ولا تَضطَرِبوا!” 15‏-16 بل أنذِروا حَياتَكُم لِمَولاكُمُ المَسيحِ مِن كُلِّ قُلوبِكُم، واستَعِدّوا دائِمًا لأن تَرُدُّوا بكُلِّ لُطفٍ واحتِرامٍ وضَـمِيرٍ طاهِرٍ على الّذينَ يَسألونَكُم عن سَـبَبِ يَقينِكُم بسَيِّدِنا المَسيحِ، فالّذينَ يَتَكَلَّمونَ بِالسُّـوءِ عن سُـلوكِكمُ الصّالِحِ النّابِعِ مِن إيمانِكُم بِالسَّيّدِ المَسيحِ سيَلقَوْنَ الخِزيَ لافتِرائِهِم. 17 إنّهُ لخَيرٌ لكُم أن تَتَحَمَّلوا الآلامَ في سَبيلِ فِعلِ الخَيرِ، على أن تَتَحَمَّلوها في سَبيلِ فِعلِ الشَّرِّ، إن شاءَ اللهُ لكُم ذلِكَ. 18 لقد تألَّمَ السَّيّدُ المَسـيحُ وماتَ لِتُغفرَ ذُنوبُ البَشَرِ، مَرّةً واحِدةً على مَدى الزَّمَنِ. أجل، لقد تألَّمَ الصّـالِحُ مِن أجلِ المُذنِبينَ، حَتّى يُقَرِّبَنا إلى اللهِ. لقد تَحَمَّلَ الآلامَ بجِسمٍ بَشَريّ حَدَّ المَوتِ، ولكِنّهُ عادَ إلى الحَياةِ بقُوّةِ رُوحِ اللهِ، 19 وبقوّةِ الرُّوحِ أعلَنَ في عالَمِ المَوتى بَيانَ نَصرِهِ للأرواحِ السَّجينةِ، ربّما تُشير الكلماتُ الواردة هنا إلى الاعتقاد الشائع أنّ أرواح الأموات تسكن بعيدا عن أجسادها في الدركات السفلى من الأرض، إلى يوم البعث. (انظر ما ذكره الحواري بولس في رسالته إلى مؤمني أفاسوس 4: 9). 20 أرواحِ أُولئِكَ العُصاةِ مِن قَومِ نوحٍ في القَديمِ، الّذينَ أمهَلَهُمُ اللهُ بِصَبرِهِ عِندَما رَفَضوا طاعتَهُ أثناءَ بِناءِ سَفينةِ النَّجاةِ الّتي نَجا بواسِطتِها عَدَدٌ قَليلٌ مِن النّاسِ، لا يَتَجاوزُ الثَّمانيةَ، وبِالماءِ كانَت نَجاتُهُم. 21 وهذا رَمزٌ للّذينَ يَتَطَهِّرونَ بِهِ صِبغةً مِن اللهِ، إنّهُ الماءُ الّذي أنتُم بِهِ الآنَ ناجونَ، وهذا لا يَعني غَسلَ الجِسمِ لتَنظيفِهِ، وإنّما هو عَهدٌ نُقيمُهُ مَعَ اللهِ بِضَميرٍ نَقيّ. فيَستَجيبُ لنا بِفَضلِ سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ، إذ أحياهُ مِن بَينِ الأموات 22 ثُمّ رَفَعَهُ إلى السَّماءِ، وهو الآنَ في حَضرَتِهِ تَعالى على يَمينِهِ، يَخضَعُ لهُ كُلُّ المَلائِكةِ والجِنِّ والشّياطينِ. اعتقد اليهود في زمن الحواري بطرس أنّ كائنات غيرَ مرئية، صالحة وسيئة، تتحكّم في شعوب العالم. وقد استعمل الحواري بطرس المصطلحات الشائعة في زمنه للتعبير عن هذه الكائنات الغيبيّة. وتشير هذه الآية باللغة اليونانية إلى هذه الكائنات، وتترجم غالبا بـ”السلطات والقوّات”.

*الفصل الثّالث:12 كتاب الزبور، مزمور 34: 12‏-16.

الفصل الثّالث:19 ربّما تُشير الكلماتُ الواردة هنا إلى الاعتقاد الشائع أنّ أرواح الأموات تسكن بعيدا عن أجسادها في الدركات السفلى من الأرض، إلى يوم البعث. (انظر ما ذكره الحواري بولس في رسالته إلى مؤمني أفاسوس 4: 9).

الفصل الثّالث:22 اعتقد اليهود في زمن الحواري بطرس أنّ كائنات غيرَ مرئية، صالحة وسيئة، تتحكّم في شعوب العالم. وقد استعمل الحواري بطرس المصطلحات الشائعة في زمنه للتعبير عن هذه الكائنات الغيبيّة. وتشير هذه الآية باللغة اليونانية إلى هذه الكائنات، وتترجم غالبا بـ”السلطات والقوّات”.