الفصل الثّاني
ظهور الدّجّال
والآنَ يا إخوتَنا في اللهِ، نُريدُ أن نُوَضِّحَ لكُم بَعضَ التَّفاصيلِ الّتي تَتَعَلَّقُ بِتَجَلّي سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ مَلِكًا وكَيفَ سنَتَهَيَّأُ في حَشْدٍ لنَحتَفِلَ بتَجَلّيهِ.* يشير بولس هنا إلى ما كتبه في رسالته الأولى إلى المؤمنين في تَسالونكي، 4: 13 حتّى 5: 1. فنَرجُوكُم ألاّ تَضطَرِبوا أبَدًا ولا تَنزَعِجوا مِن كَلامِ أولئكَ الّذينَ يَزعُمونَ أنّ زَمَنَ تَجَلّي سَيِّدِنا (سلامُهُ علينا) قد وَلّى وأنّكُم لم تَكونوا على عِلمٍ بِهِ، وهُم يَدَّعونَ في ذلِكَ نُبوَّةً مُزَيَّفةً أو كَلِمةً سَمِعوها أو رِسالةً يَنسُبونَها إلينا نَحنُ الحَواريّينَ. دفعتْ التّعاليمُ التي نَشَرها بعضُ الدجّالين إلى حيرة بعض مؤمني تَسالونكي بشأن تفاصيل تجلّي السيّد المسيح ملِكًا في المستقبل. ولم يؤمن الوثنيون في تسالونكي ببعث الأموات في المستقبل، وهو ما جعل بعضَ المؤمنين هناك يُسيئون فهْمَ تعليم بولس. وفي كلّ الأحوال، فقد أخطأ بعضُ المؤمنين في اعتقادهم أنّ سيّدنا عيسى قد تجلّى في الأرض فعلاً، وأنّهم كانوا في غفلة عن هذا الحدث. ويُذكّرهم بولُس هنا، أنّ حدوث بعض الأمور المميّزة سيَسبَق تجلّي سيّدنا عيسى، وهذا سيجعل قدومَه واضحا للجميع. فاحْذَروا خِداعَهُم في كُلِّ الأحوالِ. إنّ يَومَ تَجَلّيهِ لن يَكونَ إلاّ بَعدَ قيامِ فِتنةٍ عَظيمةٍ، ويَظهَرُ الدَّجّالُ ومَآلُهُ الهَلاكُ، وَرَدَ ذِكر هذا الدجّال الشرّير المتمرّد في سفر النبي دانيال، 11: 36‏-39، وفي رسالة يوحَنَّا الأُولى، 2: 18. وسيُعادي كُلَّ صَنَمٍ وكُلَّ مَعبودٍ وسيَدَّعي أنّهُ مُتَعالٍ عليها، بل سيَجلِسُ في أقدَسِ مَكانٍ في حَرَمِ بَيتِ اللهِ وسيُنادي كُفرًا أنّهُ اللهُ نَفسُهُ.§ حدثَ أمرٌ مُشابِهٌ لِما يتحدّث عنه بولس هنا قبل حوالي قرنين، أي في سنة 168 قبل الميلاد، وذلك عندما بدأ الملك أنطيوخوس إبيفانوس بِصُنع تمثال لنفسه ووَضَعَه للعبادة في بيت الله في القدس. لكنّ بعض المفسّرين يعتقدون أنّ بولُس يشير هنا إلى بيت الله بشكل مجازي، وفي تلك الحالة فإنّ بولس يقول بِوضوح، إنّ الدجّال سيحاول انتحالَ سلطة الله وسيدعو النّاس إلى عبادته، وهي لا تجوز إلاّ لله وحده. تَعالى عن ذلِكَ اللهُ العَظيمُ!
فهل تَذكُرونَ أنّي أخبَرتُكُم بهذا حينَ كُنتُ بَينَكُم؟ وإنّكُم لتَعلَمونَ ما يَحولُ دونَ ظُهورِ الدَّجّالِ في الوَقتِ الحاضِرِ، فلن يَظهَرَ إلاّ في الزَّمَنِ المُحَدَّدِ. رَغمَ انتِشارِ الفَسادِ بَينَ النّاسِ خِفيةً، فإنّهُ سيَظلُّ مُتَخَفّيًا إلى حينَ إزاحةِ مَن يُقَيِّدُهُ مِن أمامِهِ،* تَعدّدتْ الآراءُ حول هويّة مَن يحول دون ظهور الدجّال، إذ ذهب بعضُ الباحثين في تفسيرهم أنّ السّلطة الرّومانية التي تحمي النظامَ الامبراطوري هي التي تَمنع إبادةَ أتباع السيّد المسيح. وذهب بعض الباحثين إلى القول أنّ المشار إليه هنا هو روح الله أو ربّما يكون ملاكًا مثل ميخائيل أو الملاك المسؤول عن حراسة سجن الشياطين أسفل الأرض. (انظر رسالة يهوذا 1: 6 ). فيَظهَرُ الدَّجّالُ المُفسِدُ حينئذٍ، ولكنّ سَيِّدَنا (سلامُهُ علينا) سيَقضي عليهِ بنَفخةٍ مِن فَمِهِ، وسيُبيدُهُ بِهَيبةِ تَجَلّيهِ.
وعِندَما يَأتي الدَّجّالُ سيَقومُ بأعمالِ الشَّيطانِ ومِنها أنواعُ الخَوارِقِ الخادِعةِ كُلِّها، والمُعجِزاتِ المُزَيَّفةِ وآياتِ الكِذبِ، 10 وسيأتي بِقَوافِلِ الشُّرورِ، فيَخدَعُ النّاسَ الّذينَ يَسيرونَ على دَربِ الهَلاكِ، لأنّهُم يَرفُضونَ حُبَّ الحَقِّ الّذي يَمنَحُ النَّجاةَ. 11 ولهذا السَّبَبِ يُغرِقُهُم اللهُ في ضَلالٍ مُبينٍ، حَتّى يُصَدِّقوا هذِهِ الأكاذيبَ كُلِّها. يقول النّبي أَشعيا في كتاباته، إنّ الله سيُعاقِب النّاسَ بالعمى، وهم الذين اختاروه لأنفسهم من قَبلُ (انظر أشعيا، 29: 9‏-10). ونلاحظ أنّ بولس أعاد الفكرةَ نفسَها بعدَ عدّة سنوات في رسالته إلى المؤمنين في روما (1: 18‏-32). 12 وإنّهُم سيُعاقَبونَ لأنّهُم لم يُصَدِّقوا الحَقَّ بل كانوا يَستَمتِعونَ بالشَّرِّ.
الثّبات
13 أمّا نَحنُ يا إخوانَنا، فَعَلينا أن نَحمَدَ اللهَ دائمًا مِن أجلِكُم، يا مَن يُحِبُّهُم مَولانا (سلامُهُ علينا)، فقدِ اختارَكُم لِتَكونوا مِن أوّلِ النّاجينَ، فأصبَحتُم بفَضلِ رُوحِهِ تَقَدَّسَ وتَعالى مِن عِبادِ اللهِ المَنذورينَ لأنّكُم آمَنتُم بِرِسالةِ الحَقِّ. 14 وقد دَعاكُم اللهُ إلى النَّجاةِ عِندَما بَلَّغناكُم البُشرى، والآنَ بِاستِطاعتِكُم أن تَحصُلوا على نَصيبٍ مِن مَجدِ سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ. 15 فاثبُتوا أيُّها الإخوةُ في الإيمانِ، وتَمَسَّكوا بِكُلِّ التَّعاليمِ الّتي عَلَّمناكُم إيّاها، سَواءٌ ما سَمِعتُموهُ أو ما قَرأتُموهُ في رَسائِلِنا.
16 أسألُ سَيِّدَنا عيسى المَسيحَ، واللهَ أبانا الرَّحيمَ الّذي أحَبَّنا وأنعَمَ علينا براحةٍ لا تَنقَطِعُ، وبيَقينِ عَظيمٍ، 17 أن يُقَوّي أفئِدتَكُم ويَشُدَّ أزْرَكُم في كُلِّ عَمَلٍ صالِحٍ وقَولٍ حَسَنٍ.

*الفصل الثّاني:1 يشير بولس هنا إلى ما كتبه في رسالته الأولى إلى المؤمنين في تَسالونكي، 4: 13 حتّى 5: 1.

الفصل الثّاني:2 دفعتْ التّعاليمُ التي نَشَرها بعضُ الدجّالين إلى حيرة بعض مؤمني تَسالونكي بشأن تفاصيل تجلّي السيّد المسيح ملِكًا في المستقبل. ولم يؤمن الوثنيون في تسالونكي ببعث الأموات في المستقبل، وهو ما جعل بعضَ المؤمنين هناك يُسيئون فهْمَ تعليم بولس. وفي كلّ الأحوال، فقد أخطأ بعضُ المؤمنين في اعتقادهم أنّ سيّدنا عيسى قد تجلّى في الأرض فعلاً، وأنّهم كانوا في غفلة عن هذا الحدث. ويُذكّرهم بولُس هنا، أنّ حدوث بعض الأمور المميّزة سيَسبَق تجلّي سيّدنا عيسى، وهذا سيجعل قدومَه واضحا للجميع.

الفصل الثّاني:3 وَرَدَ ذِكر هذا الدجّال الشرّير المتمرّد في سفر النبي دانيال، 11: 36‏-39، وفي رسالة يوحَنَّا الأُولى، 2: 18.

§الفصل الثّاني:4 حدثَ أمرٌ مُشابِهٌ لِما يتحدّث عنه بولس هنا قبل حوالي قرنين، أي في سنة 168 قبل الميلاد، وذلك عندما بدأ الملك أنطيوخوس إبيفانوس بِصُنع تمثال لنفسه ووَضَعَه للعبادة في بيت الله في القدس. لكنّ بعض المفسّرين يعتقدون أنّ بولُس يشير هنا إلى بيت الله بشكل مجازي، وفي تلك الحالة فإنّ بولس يقول بِوضوح، إنّ الدجّال سيحاول انتحالَ سلطة الله وسيدعو النّاس إلى عبادته، وهي لا تجوز إلاّ لله وحده.

*الفصل الثّاني:7 تَعدّدتْ الآراءُ حول هويّة مَن يحول دون ظهور الدجّال، إذ ذهب بعضُ الباحثين في تفسيرهم أنّ السّلطة الرّومانية التي تحمي النظامَ الامبراطوري هي التي تَمنع إبادةَ أتباع السيّد المسيح. وذهب بعض الباحثين إلى القول أنّ المشار إليه هنا هو روح الله أو ربّما يكون ملاكًا مثل ميخائيل أو الملاك المسؤول عن حراسة سجن الشياطين أسفل الأرض. (انظر رسالة يهوذا 1: 6 ).

الفصل الثّاني:11 يقول النّبي أَشعيا في كتاباته، إنّ الله سيُعاقِب النّاسَ بالعمى، وهم الذين اختاروه لأنفسهم من قَبلُ (انظر أشعيا، 29: 9‏-10). ونلاحظ أنّ بولس أعاد الفكرةَ نفسَها بعدَ عدّة سنوات في رسالته إلى المؤمنين في روما (1: 18‏-32).