الفصل العاشر
عيسى (سلامُهُ علينا) والحواريّون
واستَدعى (سلامُهُ علينا) تَلاميذَهُ الاثنى عَشَر،* قام السّيّد المسيح (سلامُهُ علينا) باختيار اثني عشر تابعًا، وهو الرقم الذي يمثّل عشائر بني يعقوب الاثني عشر، ليبيّن أنّ جماعته هم من ظلّوا مخلصين لله، بينما كان بقيّة الشعب في ضلال. ومَنَحَهُم سُلطانًا لطَردِ الجانِ والشَّياطينِ، وإبراءِ النّاسِ مِن كُلِّ مَرَضٍ وداءٍ. وأسماءُ هؤلاءِ الحَواريّينَ الاثني عَشَر هي: سَمعانُ الّذي يُدعى بُطرُس (أي الصخر)، وأَنْدَراوس أخوهُ، والشَّقيقان يَعقوبُ بن زَبَدي ويوحَنّا، وفيليبُ، وابنُ تَلماي، وتوما، ومَتّى جابي الضَّرائبِ، ويَعقوبُ بن حَلفي، وتَدّاوسُ، وسَمعانُ المَوصوفُ بالوَطَنيّ المُتَحَمِّسِ، وأخيرًا يَهوذا الإسخَريوطيُّ الّذي خانَ عيسى (سلامُهُ علينا) في النِّهايةِ.
إرسال الحواريين للدّعوة
وبَعدَ استِدعائِهِ (سلامُهُ علينا) الحَواريّينَ أرسَلَهُم لنَشرِ الدَّعوةِ مُوصيًا إيّاهُم بقَولِهِ: “لا تَتَوَجَّهوا بدَعوتِكُم في هذِهِ المَرحَلةِ إلى غَيرِ اليَهود، ولا تَدخُلوا بَلداتِ السّامرة. كان السامريون سلالة مؤلّفة من مزيج من أعراق مختلفة تنحدر من اليهود الذين تزاوجوا مع الأغراب الذين قدموا إلى فلسطين بعد سبي أغلبية اليهود من مملكة بني يعقوب الشمالية (المعروفة بالسامرة أو أفرايم). وفي زمن السيد المسيح كان هناك عدوان شديد بين اليهود وأهل السامرة. عليكُم الآن بخِرافِ بَني يَعقوبَ الضّالّةِ فاهدُوهُم، وبَشِّروهُم، وقولوا لهُم: “ها قد آنَ أوانُ ظُهورِ المَملَكةِ الرَّبّانيّةِ المَوعودةِ”. اشفُوا المَرضَى، وأحيُوا المَوتى، وأبرئوا البُرصَ، واطرُدوا الشَّياطينَ. وبما أنّكُم أخَذتُم نِعَمَ اللهِ دونَ مُقابلٍ، فأعطوها أيضًا دونَ مُقابِلٍ. لا تَحمِلوا نُقودًا ولا ذَهَبًا، ولا فِضّةً ولا نُحاسًا، 10 ولا تأخُذوا زادًا لطَريقِكُم، ولا تَحمِلوا ثَوبًا ولا حِذاءً إضافيًا، ولا حتّى عَصًا، فالعامِلُ يَستَحِقّ أجرَهُ. 11 وعِندَما تَدخُلونَ أيَّ بَلدة، فاسألوا عَمّن يَستَحِقُّ استِضافتَكم، وأقيموا في دارِهِ إلى حينِ مُغادَرتِكُم تِلكَ البَلدةَ. 12 وعِندَما تَدخُلونَ دارًا فقولوا: “السّلامُ على أهلِ هذِهِ الدّار”. 13 فإن كانَ أهلُها مِمَّن يَستَحِقّونَ سَلامَكُم فسيَحُلُّ سَلامُ اللهِ عليهِم وإلاّ رَجَعَ السّلامُ إليكُم. 14 وإن رَفَضَ أحَدٌ دَعوتَكُم ولم يُصغِ إليكُم فاخرُجوا نافِضينَ الغُبارَ عن أرجُلِكُم مُنذِريه بغَضَبٍ مِن اللهِ. درج اليهود على نفض الغبار عند خروجهم من إحدى البلدات التي تعتنق الوثنية وذلك للتخلّص حسب زعمهم من نجاسة الوثنيين وعدم حملها إلى بلادهم. ولقد طلب السيد المسيح نفض الغبار عند الخروج من القرية اليهودية التي رفضهم أهلها، وهذا يعني أنه شبّه أهل تلك القرية بالوثنيين الذين لا يستحقّون أن يكونوا في المملكة الربانية. 15 الحقَّ أقولُ لكُم، سيَكونُ قَومُ لوطٍ، أهلُ مَدينتَيْ سَدوم وعَمورة، أحسَنَ حالاً في يومِ الدِّينِ مِن أهلِ تِلكَ البَلدةِ”.§ كان الشائع لدى أهل فلسطين في ذلك الوقت أنّ على الشخص إبداء الترحيب وحسن الضيافة، وكان ذلك من أرقى المزايا. من هنا فإنّ الإثم العظيم الذي ارتكبه قوم لوط في مدينة سدوم حسب النبيين أشعيا وحزقيال هو عدم حسن الضيافة وعدم اهتمامهم بالفقراء.
اضطهاد آتٍ
16 ثُمّ خاطَبَهُم قائلاً: “إنّكُم وأنتُم تَنشُرونَ دَعوتي بَينَ النّاسِ، ستَكونونَ كالخِرافِ بَينَ الذِّئاب. فكونوا مُتَنَبِّهينَ كالأفاعي، مُسالِمينَ كالحَمامِ. 17 واحذَروا بَعضَ النّاسِ الذّينَ سيُقَدِّمونَكُم إلى المَحاكِمِ في بُيوتِ العِبادةِ ويَجلِدونَكُم، 18 ويَجعَلونَكُم تَمثُلونَ أمامَ الحُكّامِ والمُلوكِ بسَبَبِ اتّباعي. عِندئذٍ تَكونُ فُرصتُكُم لإعلانِ شَهادتِكُم أمامَ اليَهودِ وغَيرِ اليَهودِ.* كان اليهود تحت الاحتلال الروماني، ولم يسمح لهم أن يُجرُوا عقوبة الإعدام. وكانوا يعتبرون خيانة أحد أبناء شعبهم لدى المحتلّين من أكبر الجرائم. 19‏-20 ولا يُصيبنَّكُم عِندئذٍ قَلَقٌ في كَيفيّةِ الدِّفاعِ عن أنفُسِكُم، لأنّ اللهَ أباكُم الرَّحمنَ سيَمُدُّكم بقوّةِ الحُجّةِ في الوَقتِ المُناسِبِ مِن خِلالِ الكَلامِ الّذي سيَبُثُهُ فيكُم برُوحِهِ. آمن الناس بأنّ الأنبياء كانوا مؤيَّدين بوحي من خلال روح الله. 21 وعِندئذٍ سيَخونُ الأخُ أخاهُ والأبُ ابنَهُ ويُسَلِّمُهُ للموتِ، ويَعصي الأولادُ والدِيهِم ويَسوقونَهُم حتّى المَوتِ. 22 وبسَبَبِ إخلاصِكُم لي سيَكرَهُكُم جَميعُ النّاسِ، إلاّ أنّ مَن يَصمُدُ مِنكُم إلى النِّهايةِ يَنجو. 23 وإذا كُنتُم في بَلدةٍ وقامَ أهلُها باضطهادِكُم ففِرّوا إلى غَيرِها. والحَقَّ أقولُ لَكُم، قَبلَ أن تَشمَلَ دَعوتُكم مَناطِقَ بَني يَعقوبَ بأجمِعِها يأتي سَيِّدُ البَشَرِ مَلِكًا.
المُعلّم قدوةٌ لتابِعِهِ
24 واذكُروا أنّهُ ما مِن تِلميذٍ أفضَلُ مِن مُعَلِّمِهِ، ولا عَبدٍ أرفَعُ مِن سَيّدِهِ، 25 وحَسبُ التِّلميذِ أن يَصيرَ كمُعَلِّمِهِ والعَبدِ كسَيِّدِهِ. وإن كانوا أهانوني ولقَّبوني بالشّيطانِ الأكبَرِ وأنا كَبيرُ أهلِ البَيتِ، فسيَفتَرونَ عليكُم أنتُم يا جَماعتي بأسوَأَ مِن ذلِكَ ولا رَيبَ. 26 فلا تَخافوهُم! وأقولُ لكُم ما مِن مَستورٍ إلاّ وسيَكشِفُهُ اللهُ، وما مِن سِرٍّ إلاّ ويُذيعُهُ. 27 وما أُبَلِّغُكُم بِهِ في العَتمةِ، بَلِّغوهُ في وَضَحِ النَّهارِ، وما أهمِسُ بِهِ في آذانِكُم، أذيعوهُ أنتُم على السُّطوحِ!
الاعتراف بالمسيح أو إنكاره
28 ولا تَخافوا مَن يَقتُلُ الجَسَدَ ولَيسَت لَدَيهِ قُدرةٌ على قَتلِ الرُّوحِ، بل هابوا اللهَ القادِرَ على أن يُهلِكَ الرُّوحَ والجَسَدَ مَعًا في الجَحيمِ. 29 واعلَموا أنّهُ لا يَحدُثُ شَيءٌ إلاّ بمَشيئةِ رَبِّكُم. فحتّى العَصافيرُ رَغمَ ثَمَنِها الزَّهيدِ، لا يَموتُ أحَدُها إلاّ بِعِلمِ اللهِ أبيكُم الرَّحمنِ. 30 ولا تَسقُطُ شَعرةٌ مِن رُؤوسِكُم إلاّ بإذنِهِ. 31 فلا تَخشَوا الاضطِهادَ لأنّ قيمتَكُم تَفوقُ قيمةَ العَصافيرِ عِندَ اللهِ! 32 فأقولُ لكُم، إنّ كُلَّ مَن يُبايعُني أمامَ النّاسِ أُبايعُهُ أنا أمامَ اللهِ أبي الصَّمَدِ في عُلاه، 33 وأمّا مَن يُنكِرُني أمامَ النّاسِ، فإنّي أُنكِرُهُ أمامَ اللهِ أبي الصَّمَدِ في عُلاه.
لا سلام بل خصام
34 لا تَظُنّوا أنّي جِئتُ لأُقيمَ السَّلامَ بَينَ المؤمنينَ وغَيرِ المؤمنينَ في الأرضِ على حِسابِ الحقّ. بل جِئتُ برِسالةِ الحَقِّ الّتي هي كحَدِّ السَّيفِ لأفصِلَ بَينَهُم! 35 وهكذا ستُثيرُ دَعوتي الخِلافَ بَينَ الابنِ وأبيهِ، والبِنتِ وأُمِّها، وزَوجةِ الابنِ وحَماتِها، 36 ويُصبحُ أعداءُ الإنسانِ مِن أهلِ بَيتِهِ. 37 وأقولُ لكُم: مَن أحَبَّ أبوَيهِ أو أبناءَهُ أكثَرَ مِنّي، فلا يَستحِقُّني. 38 ومَن لم يَكُن مُستَعِدًا للمَوتِ على صَليبِهِ مُخلِصًا لي، فلا يَستَحِقُّني أيضًا. 39 ومَن يُرِد الحِفاظَ على حياتِهِ في الدُّنيا فهو مِن الخاسِرينَ، وأمّا مَن يُضحّي بِها مِن أجلي فسيَكونُ مِن الفائزينَ.
معنى قبول الحواريّين
40 مَن قَبِلَكُم قَبِلَني، ومَن قَبِلَني قَبِلَ اللهَ الّذي أرسَلَني. 41 ومَن قَبِلَ نَبيًّا لكَونِهِ نَبيًّا، فلَهُ مِن اللهِ جَزاءُ نَبيّ، وكذا مَن قَبِلَ صالِحًا تَقديرًا لصَلاحِهِ، فلَهُ مِن اللهِ جَزاءُ الرَّجُلِ الصّالح. 42 الحقَّ أقولُ لكُم: مَن سَقَى أصغَرَ أتباعي ولو بشُربةِ ماءٍ لكَونِهِ مِن أتباعي، فلن يَضيعَ أجرُهُ عِندَ اللهِ أبَدًا”.

*الفصل العاشر:1 قام السّيّد المسيح (سلامُهُ علينا) باختيار اثني عشر تابعًا، وهو الرقم الذي يمثّل عشائر بني يعقوب الاثني عشر، ليبيّن أنّ جماعته هم من ظلّوا مخلصين لله، بينما كان بقيّة الشعب في ضلال.

الفصل العاشر:5 كان السامريون سلالة مؤلّفة من مزيج من أعراق مختلفة تنحدر من اليهود الذين تزاوجوا مع الأغراب الذين قدموا إلى فلسطين بعد سبي أغلبية اليهود من مملكة بني يعقوب الشمالية (المعروفة بالسامرة أو أفرايم). وفي زمن السيد المسيح كان هناك عدوان شديد بين اليهود وأهل السامرة.

الفصل العاشر:14 درج اليهود على نفض الغبار عند خروجهم من إحدى البلدات التي تعتنق الوثنية وذلك للتخلّص حسب زعمهم من نجاسة الوثنيين وعدم حملها إلى بلادهم. ولقد طلب السيد المسيح نفض الغبار عند الخروج من القرية اليهودية التي رفضهم أهلها، وهذا يعني أنه شبّه أهل تلك القرية بالوثنيين الذين لا يستحقّون أن يكونوا في المملكة الربانية.

§الفصل العاشر:15 كان الشائع لدى أهل فلسطين في ذلك الوقت أنّ على الشخص إبداء الترحيب وحسن الضيافة، وكان ذلك من أرقى المزايا. من هنا فإنّ الإثم العظيم الذي ارتكبه قوم لوط في مدينة سدوم حسب النبيين أشعيا وحزقيال هو عدم حسن الضيافة وعدم اهتمامهم بالفقراء.

*الفصل العاشر:18 كان اليهود تحت الاحتلال الروماني، ولم يسمح لهم أن يُجرُوا عقوبة الإعدام. وكانوا يعتبرون خيانة أحد أبناء شعبهم لدى المحتلّين من أكبر الجرائم.

الفصل العاشر:19‏-20 آمن الناس بأنّ الأنبياء كانوا مؤيَّدين بوحي من خلال روح الله.