مدخل إلى كتاب الرّؤيا
سجّلَ يوحنّا وهو أحد أتباع سيدنا عيسى (سلامه علينا) كتابَ الرؤيا. ويعتقد معظم الباحثين أنّه يوحنّا ابن زبدي، وهو أحد حواريي السيد المسيح الاثني عشر، وقد سجّل الوحي الخاصّ بسيرة السيد المسيح، كما كتب ثلاث رسائل تشجيع وجّهها إلى جماعات المؤمنين بعد قيامة السيد المسيح (سلامه علينا). أمّا بخصوص كتاب الرؤيا فقد اختلف الباحثون حول تاريخ كتابته، واقترح معظمهم أن تاريخ تدوينه يعود إلى تاريخين محددين. ويعتقد بعض الباحثين أن معظم الأحداث التي تم التنبؤ بها في كتاب الرؤيا قد تحقّقت فورَ تدوينها، ويعتبر هؤلاء الباحثون أن تدوين الرؤيا يعود إلى الستينات من القرن الأول للميلاد، أي بعد فترة وجيزة من موت نيرون إمبراطور روما، أمّا الباحثون الذين يعتقدون أن الأحداث لم تتحقّق بعد بل ترتبط بقيام الساعة، فيعتبرون أن الرؤيا تمّ تسجيلها في التسعينات من القرن الأول للميلاد عندما كانت الإمبراطورية الرومانية أكثر استقرارا.
أُرسلت الرؤيا إلى سبع جماعات من المؤمنين في سبع مدن تقع فيما يُعرف بغرب تركيا اليوم. وربّما كانت هذه المدن ذات الموقع الاستراتيجي في مقاطعة آسيا الرومانية مركزا بريديا يخدم مناطق شاسعة. ورغم أنّها تتضمّن توبيخا وتأنيبا وتعاليم خاصّة بكلّ جماعة على حدة، إلا أنّها أُرسلت بكاملها إلى كل الجماعات.
ويروي كتاب الرؤيا ما كشفه الله تعالى للحواري يوحنّا عن طريق سيدنا عيسى. ويعتبره العلماء من بين الكتب الروحية التي تُعرف بـ”أدب النهايات” apocalyptic literature. ويمثّل هذا النمط الأدبيّ تحدّيا للقرّاء في العصر الحديث في فهم معانيه وإدراكها، لأنّها تتضمن فيضا من الرموز الفريدة الخارقة. إنّ لغة الرموز والاستعارات والتشابيه المستعملة في كتاب الرؤيا نجد لها أثرا أيضا في الكتب القديمة لبعض الأنبياء مثل النبي حزقيال (أي ذو الكفل)، والنبي زكريّا بن بَرَكيّا، والنبي دانيال (عليهم السلام أجمعين). وعلى سبيل المثال، هناك ملامح محدَّدة في كتب هؤلاء الأنبياء الذين عاشوا تجربة الكشف الإلهي وتجلّياته، وذلك من خلال استعمالهم للألوان والمعادن والمنسوجات والأرقام باعتبارها رموزا. وكان القرّاء في زمن يوحنّا، وخاصّة الذين كانوا على اطلاع بكتب الأنبياء الأولين، قادرين على متابعة مسار الحدث القصصي الذي سجّله يوحنّا بسهولة، رغم حذفه لبعض التفاصيل.
ومثلما نجد تشابها في استعمال الرموز فإنّنا نجد مواطن متعدّدة أخرى للتّشابه بين كتاب الرؤيا وأسفار الأنبياء، مثل كتاب النبي دانيال الذي أوحى به الله عندما كان بنو يعقوب يعيشون في المنفى في مدينة بابل. وقد أوحى الله بكتاب الرؤيا أيضا خلال الأزمة التي كان يمرّ بها أتباع سيدنا عيسى (سلامه علينا) في تلك الفترة. وتهدف كتب الوحي هذه إلى مساعدة عباد الله الصالحين لمواجهة ما كانوا يمرّون به من معاناة في تلك الفترة الحرجة. ويكشف لنا كتاب الرؤيا أنّ تلك الأزمة كانت عبارة عن اضطهادٍ قاسٍ تُنْزِلُهُ السلطة الرومانية على أتباع السيد المسيح (سلامه علينا). ومن هنا فإنّ الرؤيا حضٌّ ونُصْحٌ وتذكير موجَّه إلى أتباع السيد المسيح في القرن الأول للميلاد حتّى يَثبتوا على إيمانهم ويتمسّكوا به فلا يسايرون الوثنية، وما كان عليهم إلا الصبر انتظارا لتنفيذ الله تعالى لوعده رغم المحنة الوشيكة والاستشهاد في سبيل إيمانهم.
ويجدر بنا أن نفهم الحالة الاجتماعية والسياسية التي كانت تمرّ بها أرض فلسطين خلال تدوين الرؤيا، فقد كان الإغريق والرومان على مَرّ السنين يبنون المعابد لأباطرتهم ويعبدونهم بعد مماتهم وكأنّهم آلهة، بل جعل بعض الأباطرة الناس يقدّمون لهم العبادة حتّى في حياتهم، شأنَ نيرون. وكان النظام الروماني يقمع كلّ ديانة يتكلّم أنبياؤها ضد ظلمه واضطهاده وطغيانه، وهذا ما حدث مع بني يعقوب، إذ احتجّ أنبياؤهم عبر التاريخ ضد الممالك والإمبراطوريات الجائرة. وقد واصل كتاب الرؤيا النهجَ الذي سار فيه الأنبياء من إدانةٍ للطغاة حيث أدان النظامَ الرومانيَّ المستبدَّ الذي يضطهد من يعبد الله بدلا عن عبادة الأباطرة.
وكان اليهود مُعفَين بشكل غير رسمي من عبادة الإمبراطور، إلاّ أنّ أساليب القمع لا تزال تتنزّل عليهم في ذلك الحين. وقد أرادت بعض الجماعات اليهودية التمرّد على الرومان، في حين هيمن القلق والخوف على بعض الأغنياء من اليهود خشية اتّهامهم بانتمائهم إلى هذه الجماعات المتمرّدة، فيفقدون مكانتهم وثرواتهم. وقد تمّ اعتبار أتباع سيدنا عيسى (سلامه علينا) من الجماعات المتمرّدة لأنهم كانوا يُطلقون بشكل علني لقب السيد على سيدنا المسيح، وهو اللقب الذي كان حِكْرا على الإمبراطور. لذلك طرد اليهود الأثرياء أتباع السيد المسيح من بيوت العبادة التابعة لهم. وفي كل ما ذُكر صورة عن مناخ الظلم وأجواء الاضطهاد والصراع التي كان يعيشها آنذاك أتباع المسيح (سلامُهُ علينا). وقد دوّن الحواري يوحنّا الرؤيا من أجل أتباع السيد المسيح الذين عاشوا تلك الظروف.
وتعود مرجعيّة كتاب الرؤيا إلى فترة زمنية محدّدة في إطار ظروف متأزّمة، ولكنّ أهميّته صالحة للناس في كلّ الأزمان. ويحتوي هذا الكتاب على معانٍ تحضّ جميع المؤمنين أن يتوكّلوا على الله وأن يقفوا صامدين أمام الشرّ، سواء كان نابعا من داخل جماعاتهم أم من خارجها. ويحمل كتاب الرؤيا تذكيرا لجميع القرّاء أنّه مهما عانى أتباع السيد المسيح، ومهما قدّموا من تضحيات، ومهما صبروا على الصعاب التي تواجههم، فإنّهم في النهاية سيظفرون بالنصر على الشيطان وقوى الشرّ التي ترافقه، وذلك بفضل إخلاصهم للسيد المسيح المنتصر.
ويمكن أن نعتبر أنّ كتاب الرؤيا يستشرف النجاة والنصر اللّذين سيتحقّقان بشكل تامّ في نهاية هذا العالم، حين يتجلّى السيد المسيح ملكا على العالمين، محاطا ببهاء ومجد. كما يؤكّد هذا الكتاب أنّ السيد المسيح وأتباعه قد كسروا شوكة إبليس وانتصروا على قوى الشرّ التي تحيط به.
وتعرّض كتاب الرؤيا إلى تأويلات مختلفة عبر العصور، لأنّه يحتوي على رموز متعدّدة وغريبة. وتوجد ثلاثة تأويلات لأغلب الرموز المستعملة وهي الأكثر شيوعا:
نظرة تأويلية تعتبر أنّ الكتاب وصفَ النبوءات الّتي تحقّقت في القرن الأول للميلاد (preterist view)،
ونظرة تأويلية حقبية (dispensationalism)، تعتبر أنّ الكتاب يستشرف التدابير الإلهية التي لم تتحقّق بعد،
ونظرة تأويلية تتجاوز الحقب التاريخية وتستند إلى الجانب الروحاني أو الأدبي.
ويرى أصحاب النظرة التأويلية الأولى أنّ معظم الأحداث المتنبّأ بها في كتاب الرؤيا تمّت بعد تدوينها بقليل، أي قبل نهاية القرن الأول للميلاد، ويعتبر هذا التأويل أنّ بعض الأحداث في الرؤيا ستحدث عند قيام الساعة. ويجزم أصحاب النظرة التأويلية الحقبية أنّ كل الأحداث المشار إليها ستقع في نهاية هذا العالم، واستنادا إلى هذه النظرة، فإنّ العديد من الرموز يتمّ ربطها بالأحداث المعاصرة. أمّا أصحاب النظرة التأويلية الروحانية - الأدبية فترى أنّ الرموز التي يحملها كتاب الرؤيا لا تتعدّى المجاز والصور البلاغية، وغرضها إرشاد أتباع السيد المسيح عبر العصور وتشجيعهم وتعليمهم.
بسم الله تبارك وتعالى
كتاب الرّؤيا
الفصل الأوّل
مقدّمة
هي ذي الأسرارُ الّتي كَشَفَها اللهُ لسَيِّدِنا عيسى المَسيحِ حَتّى يَرى عِبادُهُ أُمورًا لا بُدَّ مِن حُدوثِها عاجِلاً، فأرسَلَ مَلاكَهُ إلى عَبدِهِ يوحَنّا الّذي أخبَرَ بكُلِّ ما رَآهُ مِن رَبِّ العالَمينَ، رِسالةً وبَيانًا مِن سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ (سلامُهُ علينا). هَنيئًا لمَن يَتلو كَلامَ هذه النُّبُوءَةِ على جَماعاتِ المؤمنينَ، وهَنيئًا لهُم حينَ يَستَمِعونَ إليها ويَعمَلونَ بما جاءَ فيها، فقد قَرُبَت ساعتُها.* تَعتبِر إحدى المدارس التفسيريّة أنّ تدوين كتاب سفر الرؤيا تمّ قبل مدّة قصيرة من سقوط القدس في العام 70 للميلاد، وربّما دُوِّن في أواسط التسعينات من القرن الأوّل متنبّئا بسقوط روما. وأمّا المدارس التفسيرية الأخرى، فهي ترى أنّ عبارة “لا بدّ من حدوثه عاجلاً” وعبارة “قد قَرُبت ساعتها” تشيران إلى أنّ هذه التنبؤات لا يرتبط تحقيقُها بزمن محدّد، أو يتمّ تحقيقها بعد مرور العديد من السنوات من تدوين هذا الكتاب.
تحيّة
هذِهِ الرِّسالةُ مِن يوحَنّا، مُوَجَّهةٌ إلى جَماعاتِ المؤمنينَ السَّبعِ في مُقاطَعةِ آسيا. السَّلامُ عليكُم والرَّحمةُ مِن اللهِ الحَيِّ مُنذُ الأزلِ والآنَ وإلى الأبَدِ، ومِن المَلائكةِ السَّبعةِ الكِبارِ أمامَ عَرشِ اللهِ، ورد ذكرُ الأرواح السبعة في نص الوحي اليوناني. واعتقد بنو يعقوب بوجود سبعة ملائكة كبار حول عرش الله، وربّما تكون هذه هي الفكرة المشار إليها هنا. ومِن سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ الشّاهِدِ الأمينِ، أوّلِ وأشرَفِ مَن بَعَثَهُ اللهُ خالِدًا مِن المَوتِ، وهو الرَّئيسُ على مُلوكِ الأرضِ. “أول وأشرف”، و”الرئيس على ملوك الأرض” عبارتان وردتا في المزمور 89: 27 وهو المزمور الذي يصف المسيح المنتظر. وجاء في الترجمات التاريخية أنّ عبارة “أوّل وأشرف” تساوي “البكر”. هُو الّذي يُحِبُّنا وقد حَرَّرَنا مِن ذُنوبِنا بِدمِهِ، وجَعَلَنا أحبارًا في مَملَكتِهِ الأبَديّةِ أمامَ اللهِ الأبِ الرَّحيم لِسَيِّدِنا المَسيحِ. فلتَكُن لهُ (سلامُهُ علينا) الهَيبةُ والعِزّةُ إلى أبَدِ الآبِدينَ. آمـينَ.
انظُرُوا! ها مَولانا قادِمٌ في ظُلَلٍ مِن الغَمامِ، وسيُبِصرُهُ الجَميعُ، حَتّى الّذينَ طَعَنوهُ. وستَنوحُ عليهِ عَشائِرُ الأرضِ كُلِّها بِسَبَبِ الآلامِ الّتي تَعَرَّضَ إليها.§ تشير هذه الآية إلى رؤيا النبي دانيال (7: 13) التي يظهر فيها السيد المسيح آتيا مع الغمام ليأخذ مكانه باعتباره ملكا، كما أشارت إلى ذلك نبوءة النبيّ زكريّا بن بَرَكيّا (12: 10). نعم، لِيَكُنْ كَذلِكَ يا رَبُّ، آمينَ. قالَ المَولى عِزَّ وجَلَّ: “أنا الألِفُ والياءُ، الحَيُّ مُنذُ الأزلِ والآنَ وإلى الأبَدِ، وإنّي على كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ”.
تجلّي سيّدنا عيسى ليوحنّا
أنا يوحَنّا أخوكُم تَحَمَّلتُ بِصَبرٍ مِثلَكُم الامتِحانَ الّذي حَلَّ بِنا لأنّنا أتباعُ السَّيِّدِ المَسيحِ ومِن أهلِ مَملَكتِهِ الرَّبّانيّةِ، ولأنّي مُخلِصٌ في دَعوةِ النّاسِ إلى رِسالةِ اللهِ وإلى الإِيمانِ بسَيِّدِنا عيسى (سلامُهُ علينا)، أَبعَدوني وسَجَنوني في جَزيرةِ بَطْمُس. 10 ويَومَ الأحَدِ، يَومَ انبَعَثَ سَيِّدُنا مِن المَوتِ، غَمَرَني فَيضٌ مِن رُوحِ اللهِ، فسَمِعتُ وَرائِي صَوتًا قَوِيًّا كَصَوتِ البوقِ 11 يَقولُ: “اُكتُب ما ستَراهُ في كِتابٍ وأرسِلهُ إلى سَبعٍ مِن جَماعاتِ المؤمنِينَ الّذينَ في أفاسوسَ وإزميرَ وبَرغامُسَ وثِياتيرا وسارديسَ وفيلادِلفيا واللاذِقِيّة”.* كل هذه المدن كانت تقع فيما يُعرف اليوم بغرب تركيا. 12 فالتَفَتُّ وَرائِي لأنظُرَ صاحِب النِّداءِ، فرَأيتُ سَبعةَ مَصابِيح مِن ذَهَبٍ، شاع بين الناس أنّ المصابيح ذات الفروع السبعة المشار إليها هنا ترمز إلى بني يعقوب وإلى الديانة اليهودية. وفي هذا النص يرمز المصباح إلى كل جماعة من جماعات المؤمنين في هذه المدن السبعة باعتبارهم من شعب الله، سواء كانوا يهودا أو غير يهود. واعتُبر رقم (7) في ذلك العصر رقما خاصّا مميّزا يرمز إلى الكمال في كتب الأنبياء الأولين، لذا يظنّ البعض أنّ كتاب الرؤيا كان موجّها إلى كل جماعات المؤمنين من أتباع سيدنا عيسى في كل زمان ومكان، وهو لا يقتصر على الجماعات التي ذُكِرت هنا. 13 تُحيطُ بسَيِّدِنا عيسى سَيِّدِ البَشَريّةِ جَمعاء، يلمّح سيدنا عيسى إلى نفسه بلقب “سيد البشر” وربّما يشير بذلك إلى النبوءة الواردة في سفر النبي دانيال 7: 13. وتشير الترجمات التاريخية إلى اللقب نفسه بـ “ابن الإنسان”. وكانَ يَرتَدي ثَوبًا طَويلاً وحَولَ صَدرِهِ حِزامٌ مِن ذَهَبٍ. 14 وشَعرُ رأسِهِ أبيَضُ كَجَدائِلِ الصُّوفِ البَيضاءِ، كَالثَّلجِ في البَهاءِ، وعَيناهُ شُعلةٌ مُلتَهِبةٌ. 15 ورِجلاهُ تَلمَعانِ كَنُحاسٍ صافٍ مَصقولٍ بِالنّارِ، وصَوتُهُ قَويٌّ كَصَوتِ شَلاّلٍ غَزيرٍ،§ وردت بعض الرموز في هذا المقطع في سفر النبي دانيال، في الفصل (10). أمّا “الثوب” و”الحزام” (الآية 13) اللذان كان يرتديهما كبير الأحبار فربّما فيهما إشارة إلى أنّ سيدنا عيسى يتّخذ هذا المنصب دون غيره. 16 ويُمسِكُ في يَدِهِ اليُمنى سَبعةَ نُجومٍ،* استعمل الناس الذين عبدوا الإمبراطور النجوم السبعة للتعبير عن هيمنته السماوية على عالم البشر. أمّا في هذا النص، فإنّ السيد المسيح هو من يحظى بهذه الهيمنة، لا القيصر. ويَخرُجُ مِن فَمِهِ سَيفٌ قاطِعٌ بِحَدّينِ، ووَجهُهُ كَالشَّمسِ في كَبِدِ السَّماءِ.
17 فَلمّا رأَيتُهُ (سلامُهُ علينا)، صُعِقتُ ووَقَعتُ عِندَ قَدَمَيهِ كَالمَيتِ، فوَضَعَ عليّ يَدَهُ اليُمنى، وقالَ: “لا تَخَف! أنا الأوّلُ والآخِرُ. 18 أنا الحَيُّ. كُنتُ مَيِّتًا، ولكِنّي الآنَ حَيٌّ إلى أبَدِ الآبِدينَ، أملِكُ مَفاتِيحَ القَبرِ والعالَمِ السُّفليِّ لأُحَرِّرَ النّاسَ مِنهُما مَتى شِئتُ. 19 فاكتُبْ ما شاهَدتَهُ، وما تَراهُ الآنَ، وما سيَحدُثُ بَعدَ حِينٍ. 20 فها هو سِرُّ النُّجومِ السَّبعةِ الّتِي رَأيتَها في يَدي اليُمنى ومَصابيحِ الذَّهَبِ السَّبعةِ الأُخرى: النُّجومُ رُسُلٌ إلى جَماعاتِ المؤمنِينَ السَّبعِ، والمَصابيحُ رَمزٌ إلى جَماعاتِ المؤمنينَ.

*الفصل الأوّل:3 تَعتبِر إحدى المدارس التفسيريّة أنّ تدوين كتاب سفر الرؤيا تمّ قبل مدّة قصيرة من سقوط القدس في العام 70 للميلاد، وربّما دُوِّن في أواسط التسعينات من القرن الأوّل متنبّئا بسقوط روما. وأمّا المدارس التفسيرية الأخرى، فهي ترى أنّ عبارة “لا بدّ من حدوثه عاجلاً” وعبارة “قد قَرُبت ساعتها” تشيران إلى أنّ هذه التنبؤات لا يرتبط تحقيقُها بزمن محدّد، أو يتمّ تحقيقها بعد مرور العديد من السنوات من تدوين هذا الكتاب.

الفصل الأوّل:4 ورد ذكرُ الأرواح السبعة في نص الوحي اليوناني. واعتقد بنو يعقوب بوجود سبعة ملائكة كبار حول عرش الله، وربّما تكون هذه هي الفكرة المشار إليها هنا.

الفصل الأوّل:5 “أول وأشرف”، و”الرئيس على ملوك الأرض” عبارتان وردتا في المزمور 89: 27 وهو المزمور الذي يصف المسيح المنتظر. وجاء في الترجمات التاريخية أنّ عبارة “أوّل وأشرف” تساوي “البكر”.

§الفصل الأوّل:7 تشير هذه الآية إلى رؤيا النبي دانيال (7: 13) التي يظهر فيها السيد المسيح آتيا مع الغمام ليأخذ مكانه باعتباره ملكا، كما أشارت إلى ذلك نبوءة النبيّ زكريّا بن بَرَكيّا (12: 10).

*الفصل الأوّل:11 كل هذه المدن كانت تقع فيما يُعرف اليوم بغرب تركيا.

الفصل الأوّل:12 شاع بين الناس أنّ المصابيح ذات الفروع السبعة المشار إليها هنا ترمز إلى بني يعقوب وإلى الديانة اليهودية. وفي هذا النص يرمز المصباح إلى كل جماعة من جماعات المؤمنين في هذه المدن السبعة باعتبارهم من شعب الله، سواء كانوا يهودا أو غير يهود. واعتُبر رقم (7) في ذلك العصر رقما خاصّا مميّزا يرمز إلى الكمال في كتب الأنبياء الأولين، لذا يظنّ البعض أنّ كتاب الرؤيا كان موجّها إلى كل جماعات المؤمنين من أتباع سيدنا عيسى في كل زمان ومكان، وهو لا يقتصر على الجماعات التي ذُكِرت هنا.

الفصل الأوّل:13 يلمّح سيدنا عيسى إلى نفسه بلقب “سيد البشر” وربّما يشير بذلك إلى النبوءة الواردة في سفر النبي دانيال 7: 13. وتشير الترجمات التاريخية إلى اللقب نفسه بـ “ابن الإنسان”.

§الفصل الأوّل:15 وردت بعض الرموز في هذا المقطع في سفر النبي دانيال، في الفصل (10). أمّا “الثوب” و”الحزام” (الآية 13) اللذان كان يرتديهما كبير الأحبار فربّما فيهما إشارة إلى أنّ سيدنا عيسى يتّخذ هذا المنصب دون غيره.

*الفصل الأوّل:16 استعمل الناس الذين عبدوا الإمبراطور النجوم السبعة للتعبير عن هيمنته السماوية على عالم البشر. أمّا في هذا النص، فإنّ السيد المسيح هو من يحظى بهذه الهيمنة، لا القيصر.