الفصل الثّالث
بولس رسول إلى غير اليهود
لِهذا السَّبَبِ، أنا بولُسُ سَجينٌ الآنَ في سَبيلِ سَيِّدِنا عيسـى المَسيحِ مِن أجلِكُم أنتُم أيُّها الأغرابُ.* يبدو أن الحواري بولس كان تحت الإقامة الجبرية في روما عندما كتب هذه الرسالة. (انظر سيرة الحواريين 28: 16، 30). وإنّكمُ بِلا شَكٍّ تَعلَمونَ أنّ اللهَ كَرَّمَني حِينَ أمَرَني أن أُعلِنَ رِسالةَ فَضلِهِ عليكُم. ولقد ذَكَرتُ لكُم آنِفًا في رِسالَتي هذِهِ بِاختِصارٍ كَيفَ كَشَفَ اللهُ لي ما كانَ خَفيًّا مِن مَقاصِدِهِ، فإِذا قَرأتُم ما أكتُبُهُ إليكُم في هذِهِ الرِّسالةِ، فستَفقَهونَ ما عَلِمتُ عَن سِرِّ اللهِ في سَيِّدِنا المَسيحِ. ولقد جَهِلَ النّاسُ هذا السِّرَّ فيما مَضى، وها هو يَكشِفُهُ بِرُوحِهِ تَعالى لعِبادِهِ الصّالِحينَ: الحَواريّينَ مِنهُم وأصحابِ كَرامةِ النُّبوءَةِ. وهذا السِّرُّ هو: حِينَما يؤمِنُ النّاسُ مِن كُلِّ الأُمَمِ بِرسالةِ سَيِّدِنا المَسيحِ، يَرِثونَ بَرَكات اللهِ المَوعودةَ مَعَ بَني يَعقوبَ، فيُصبِحونَ مَعًا أعضاءً سَواسية في أُمّةِ الجَسَدِ الواحِدِ للسَّيِّدِ المَسيحِ. اعتبر بنو يعقوب أنّ بركات الله الموعودة تنحصر في سلالة النّبي إبراهيم فقط، ولا شكَّ أنَّهُم صُعِقوا من كلام بولس حين قال إنّ من حقّ غير المختونين من غير اليهود أن ينضمّوا إلى أهل ميثاق الله إلى جانب اليهود.
أجل، لقد فَضَّلَني اللهُ وجَعَلَني مُناديًا رَسولاً، ومَنَحَني قُوّةً حَتّى أُتَمِّمَ هذا البَلاغَ المُبينَ، وإنّي لأَقَلُّ قَدرًا مِن كُلِّ عِبادِهِ الصّالِحينَ، ولكنّ اللهَ شَرَّفَني حَتّى أُعلِنَ إلى غَيرِ اليَهودِ رِسالةَ السَّيِّدِ المَسيحِ الّتي لا تُحَدُّ قِيمتُها بِحُدودٍ، وأكشِفَ لكُلِّ النّاسِ مَقاصِدَ اللهِ الخَفيّةِ، فاللهُ الّذي خَلَقَ كُلَّ مَوجودٍ، شاءَ أن يَكتِمَها عَن النّاسِ مُنذُ البَدءِ. 10 ولقد كانَ هَدَفُهُ إظهارَ وُجوهِ حِكمتِهِ كُلِّها في جَميعِ أبعادِها لكُلِّ الكائناتِ الغَيبيّةِ، مِن المَلائكةِ والجِنِّ والشَّياطين، مِن خِلالِ جَماعةِ المَسيحِ المُوَحَّدةِ. إنّ بعض الكتابات اليهوديّة قبل زمن السيّد المسيح (سلامُهُ علينا) تتحدّث كيف يكشف الله عن قوّته وجلاله لملائكته من خلال أمّته، فيمجّدونه. واعتبر النّاس الملائكة حكّامًا على مختلف الشعوب. فعندما وحّد الله جميع أتباع السيّد المسيح الذين ينتمون إلى مختلف الأعراق والبلدان، فقد بيّن أنّ سلطته تفوق سلطة الملائكة وتشمل جميع شعوب الأرض والممالك. 11 إنّ هذا هو قَصدُ اللهِ الأزَليُّ، وقد أتَمَّهُ تَعالى بِواسِطةِ سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ. 12 إِنّنا حينَ نؤمنُ بِهِ (سلامُهُ علينا)، يُمكِنُنا جَميعًا التَّقَرُّبُ بكُلِّ ثِقةٍ واطمِئنانِ إلى حَضرةِ اللهِ على حَدٍّ سَواءٍ. 13 فلا تَقنطوا لِما أنا فيهِ مِن عَذابِ القُيودِ، بل افتَخِروا بالشَّدائدِ الّتي أتَحَمَّلُها مِن أجلِكُم.
بولس يسأل الله أن يقوّي المؤمنين
14 وإنّي حينَ أتَأمَّلُ في كُلِّ هذِهِ الأُمورِ الرَّبّانيّةِ العَظيمةِ، أسجُدُ أمامَ اللهِ الوَليِّ الرَّحيمِ، 15 فهُو الّذي خَلَقَ الوَلاءَ بَينَ أفرادِ الجَماعاتِ في الغَيبِ وبَينَ النّاسِ. 16 ومِن أجلِكُم أسألُهُ تَعالى السَّنَدَ والتّأييدَ، وأن يَمنَحَكُم بِرُوحِهِ القُوّةَ في أعماقِكُم حَسَبَ غِناهُ المَجيدِ، 17 وأسألُهُ أيضًا أن يَحُلَّ السَّيِّدُ المَسيحُ في أفئِدتِكُم بالإيمانِ، وأن تَكونوا ثابِتينَ راسِخينَ في المَحبّةِ، 18 وأن يَكونَ بِاستِطاعَتِكُم أن تَكتَسِبوا مَعَ كُلِّ المؤمنينَ، القُوّةَ الحَقيقيّةَ في كُلِّ أبعادِها مِن عَرضٍ وطُولٍ وعُلوٍّ وعُمقٍ، حَتّى تُعاينوا قُوّةَ اللهِ الخارِقَةَ،§ إنّ هذه العبارات التي تشمل الأبعاد من عرض وطول وعمق وارتفاع كانت تستعمل في نصوص اليونان الوثنيين للحديث عن القوّة الخارقة. 19 وأن تَختَبِروا مَحبّةَ السَّيِّدِ المَسيحِ، الّتي تَفوقُ إدراكَ المُدرِكينَ، فيَعُمَّكُم فَيضُ اللهِ العَميمُ.
20 سُبحانَ اللهِ القَديرِ، هُو الّذي بِقُوّتِهِ السّاريةِ فينا يَفعَلُ أكثَرَ بكَثيرٍ مِمّا نَطلُبُ أو نَتَصَوَّرُ، 21 فلِيَكُن لهُ الجَلالُ والإكرامُ، بِفَضلِ الإيمانِ بسَيِّدِنا عيسى المَسيحِ، وبِأعمالِ جَماعةِ المؤمنينَ، في كُلِّ زَمَنٍ وحينٍ، وإلى أبَدِ الآبِدينَ. آمـينَ.

*الفصل الثّالث:1 يبدو أن الحواري بولس كان تحت الإقامة الجبرية في روما عندما كتب هذه الرسالة. (انظر سيرة الحواريين 28: 16، 30).

الفصل الثّالث:6 اعتبر بنو يعقوب أنّ بركات الله الموعودة تنحصر في سلالة النّبي إبراهيم فقط، ولا شكَّ أنَّهُم صُعِقوا من كلام بولس حين قال إنّ من حقّ غير المختونين من غير اليهود أن ينضمّوا إلى أهل ميثاق الله إلى جانب اليهود.

الفصل الثّالث:10 إنّ بعض الكتابات اليهوديّة قبل زمن السيّد المسيح (سلامُهُ علينا) تتحدّث كيف يكشف الله عن قوّته وجلاله لملائكته من خلال أمّته، فيمجّدونه. واعتبر النّاس الملائكة حكّامًا على مختلف الشعوب. فعندما وحّد الله جميع أتباع السيّد المسيح الذين ينتمون إلى مختلف الأعراق والبلدان، فقد بيّن أنّ سلطته تفوق سلطة الملائكة وتشمل جميع شعوب الأرض والممالك.

§الفصل الثّالث:18 إنّ هذه العبارات التي تشمل الأبعاد من عرض وطول وعمق وارتفاع كانت تستعمل في نصوص اليونان الوثنيين للحديث عن القوّة الخارقة.