الفصل السّادس
وصايا أخيرة
إخواني في الإيمانِ، إنّكُم تَهتَدونَ برُوحِ اللهِ، فإِن أذنَبَ أَحَدُكُم فقَرِّبوهُ مِنكُم وانصَحوهُ وارشِدوهُ، وانتَبِهوا كَي لا تَقَعوا في الإغراءِ الّذي وَقَعَ فيهِ. وتَعاونوا واحمِلوا بَعضُكم أَعباءَ بَعضٍ، إنّكُم بهذا تُحَقِّقونَ وَصيَّةَ السَّيّدِ المَسيحِ.* إن مفاد شريعة السيّد المسيح هي أن يحبّ بعضنا بعضًا كما أحبّ سيّدنا المسيح النّاس جميعًا (انظر يوحنّا 13: 34، رسالة كورنتوس الأولى 9: 21). وتحدّث الحواري يوحنّا بإطناب عن هذا الموضوع في رسالته الأولى.
إنّ الّذينَ يَظُنّونَ أنّهُم مُتَرَفِّعونَ عَن مُساعَدةِ الآخَرين، فإنّما يَخدَعونَ أنفُسَهُم، لأنّهُم في الحَقيقةِ دونَهُم، لو كانوا يَعلَمونَ! لهذا السَّبَبِ، حاسِبوا أنفُسَكُم وانظُروا في أعمالِكُم ولا تَمُدّوا بأَعيُنِكُم إلى ما يَفعَلُ غَيرُكُم، فمَن رَضِيَ بأَعمالِهِ لنَفسِهِ كانَ بها فَخورًا. فكُلُّ إنسانٍ مَسؤولٌ عَن أفعالِهِ.
ومَن يَتَعَلَّمُ رِسالةَ اللهِ فَعَليهِ أَن يُشارِكَ مُرشِدَهُ في كُلِّ الخَيراتِ الّتي يَملِكُها.
واحذَروا أن تَخدَعوا أنفُسَكُم، إنّ اللهَ بكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ، ولا مَفرَّ مِن عَدالتِه! إنّما تُجزَونَ بأعمالِكُم، و”إنّما تَحصِدونَ ما تَزرَعونَ”. إِنّ الّذينَ يَسعَونَ إِلى إرضاءِ أهواءِ نُفوسِهِم، لن تَجنِي أيديهِم إلاّ الخُسران. أمّا الّذينَ يَسعَونَ إِلى مَرضاةِ رُوحِ اللهِ، فسيَنالونَ مِن رُوحِهِ تَعالى نَصيبًا في دارِ الخُلدِ. فلا تَمَلُّوا فِعلَ الخَيراتِ، فتَحصُلوا على جَزائِكُم يَومَ الدِّينِ إن كُنتُم عليهِ صابِرينَ. 10 واغتَنِموا ساعاتِ الخَيرِ واحسِنوا إلى جَميعِ النّاسِ، واحسِنوا خاصَّةً إِلى إِخوانِكم في الإيمانِ.
ختام
11 وها أَنا، بُولسَ، أَكتُبُ إليكُم بِيَدي هذِهِ الكَلِماتِ الخِتاميَّةَ. من المرجّح أنّ بولس أملى معظم هذه الرّسالة على أحد الكتّاب، ولكنّه في هذا الموضع كتب هذه الكلمات بنفسه ليُثبت أنّه من كتب هذه الرّسالة، لأنّ المؤمنين في غلاطية كانوا يعرفون خطّ يديه من خلال رسائله السّابقة لهم. وقد كان هذا الأمر شائعًا في العصور القديمة. 12 إِنّ الّذينَ يَتَباهَونَ بالمَظاهِرِ البَشَريّةِ، يُحاوِلونَ إجبارَكُم على الخِتانِ والتَّهويدِ، كَي لا يَتَعَرَّضوا للاضطِهادِ في سَبيلِ الحقِّ: إذ لا نَجاةَ إلاّ بِتَضحيةِ السَّيّدِ المَسيحِ بحَياتِهِ على الصَّليبِ. 13 بل إنّ دُعاةَ الخِتانِ هؤلاءِ، لا يَعمَلونَ بكُلِّ أحكامِ التَّوراةِ، ولكنَّهُم يَرغَبونَ في خِتانِكُم ليَفتَخِروا أَنّكُم أَصبَحتُم تابِعينَ لِدينِهِم، يؤكّد الحواري بولس مرّة أخرى أنّ المهتمّين بالختان وغيره من التّقاليد ينحصر اهتمامهم فقط بالمظاهر الخارجيّة، ولكنّه يقرّ أنّه على الرّغم من تحمّسهم لشريعة النّبي موسى في التوراة فإنّهم في الحقيقة لا يفكّرون إلاّ في أنفسهم، ولا يحقّقون الهدف الأساسيّ من الشريعة ألا وهو محبّة الله ومحبّة الآخرين. 14 أمَّا أَنا فما فَخري إلاَّ بتَضحيّةِ سَيِّدَنا عيسى المَسيحَ بنَفسِهِ مَصلوبًا مِن أجلِنا، والدُّنيا بَعدَ ذلِكَ مَصلوبةٌ في نَظَري، وأنا مَصلوبٌ في نَظَرِ أهلِها.
15 فالخِتانُ مِن عَدَمِهِ لا أَهميّةَ لهُ، بل الشَّيءُ المُهِمُّ هو انضِمامُنا إلى خَلقِ اللهِ الجَديدِ.§ يتّفق هذا الأمر مع تعاليم بولس في مواضع أخرى. فالسيّد المسيح (سلامه علينا) كسر بتضحيّته وطأة الخطيئة والموت، وبقيامته بدأ الخلق الجديد أو العهد الجديد. وأصبح المؤمنون بالسيّد المسيح شركاء في هذا الخلق الجديد الذي سيكتمل بنزول السيّد المسيح من السّماء ملكًا على الأرض. 16 السَّلامُ والرَّحمةُ على كُلِّ الّذينَ يَسلُكونَ هذا الطَّريقَ. فإنّهُم الأَخيارُ المُصطَفونَ.* لقد ورد حرفيًّا في اليونانيّة أنّ أولئك الذين يسلكون هذا الطّريق يوصفون بـ “إسرائيل الله”. وقد اختلف العلماء بشأن عبارة “إسرائيل” هنا، إذ يرى بعضُهم أنّها تعني اليهود القلائل الذين ظلوا أوفياء لله باتباعهم سيّدنا المسيح، ويرى آخرون أنّها تشير إلى جميع المؤمنين بالسيّد المسيح كورثة للنّبي إبراهيم (كما يقول بولس في هذه الرّسالة في الفصل الثّالث). ويرجّح معظم العلماء التّفسير الثّاني.
17 فلا يُزعِجْني أحَدٌ بَعدَ الآنَ! إنّ جِسمي يَحمِلُ جُروحًا وعَلاماتٍ تَدُلُّ على ما لاقَيتُهُ مِن عَذابٍ في سَبيلِ إِخلاصي لسَيّدِنا عيسى.
18 إخوتي، ليَكُن فَضلُ سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ مَعَكُم دائمًا. آمينَ.

*الفصل السّادس:2 إن مفاد شريعة السيّد المسيح هي أن يحبّ بعضنا بعضًا كما أحبّ سيّدنا المسيح النّاس جميعًا (انظر يوحنّا 13: 34، رسالة كورنتوس الأولى 9: 21). وتحدّث الحواري يوحنّا بإطناب عن هذا الموضوع في رسالته الأولى.

الفصل السّادس:11 من المرجّح أنّ بولس أملى معظم هذه الرّسالة على أحد الكتّاب، ولكنّه في هذا الموضع كتب هذه الكلمات بنفسه ليُثبت أنّه من كتب هذه الرّسالة، لأنّ المؤمنين في غلاطية كانوا يعرفون خطّ يديه من خلال رسائله السّابقة لهم. وقد كان هذا الأمر شائعًا في العصور القديمة.

الفصل السّادس:13 يؤكّد الحواري بولس مرّة أخرى أنّ المهتمّين بالختان وغيره من التّقاليد ينحصر اهتمامهم فقط بالمظاهر الخارجيّة، ولكنّه يقرّ أنّه على الرّغم من تحمّسهم لشريعة النّبي موسى في التوراة فإنّهم في الحقيقة لا يفكّرون إلاّ في أنفسهم، ولا يحقّقون الهدف الأساسيّ من الشريعة ألا وهو محبّة الله ومحبّة الآخرين.

§الفصل السّادس:15 يتّفق هذا الأمر مع تعاليم بولس في مواضع أخرى. فالسيّد المسيح (سلامه علينا) كسر بتضحيّته وطأة الخطيئة والموت، وبقيامته بدأ الخلق الجديد أو العهد الجديد. وأصبح المؤمنون بالسيّد المسيح شركاء في هذا الخلق الجديد الذي سيكتمل بنزول السيّد المسيح من السّماء ملكًا على الأرض.

*الفصل السّادس:16 لقد ورد حرفيًّا في اليونانيّة أنّ أولئك الذين يسلكون هذا الطّريق يوصفون بـ “إسرائيل الله”. وقد اختلف العلماء بشأن عبارة “إسرائيل” هنا، إذ يرى بعضُهم أنّها تعني اليهود القلائل الذين ظلوا أوفياء لله باتباعهم سيّدنا المسيح، ويرى آخرون أنّها تشير إلى جميع المؤمنين بالسيّد المسيح كورثة للنّبي إبراهيم (كما يقول بولس في هذه الرّسالة في الفصل الثّالث). ويرجّح معظم العلماء التّفسير الثّاني.