الفصل الرّابع
وصايا أخيرة
إخوتي الأعِزّاءَ، إنّي مُشتاقٌ إليكُم كَثيرًا، وإنّكُم فَرَحي وتاجُ رأسي، فاعتَصِموا يا أحِبّائي بِالسَّيّدِ المَسيحِ.
وأُناشِدُ سالِمةَ وسَعيدةَ أن تَكونا على وِفاقٍ، لأنّهُما تؤمنانِ بِسَيِّدِنا (سلامُهُ علينا). يا أخي رَفيقُ، وأنتَ دونَ شَكٍّ الرَّفيقُ المُخلِصُ،* استخدم الكتّاب الإغريق الكلمة اليونانية (syzygos) للتّعبير عن ارتباط وثيق مثل ارتباط الزّواج أو العمل. ويرى بعض المفسّرين أنّ بولس يشير هنا إلى رفيق له في الدّعوة، بينما يرى آخرون أنّ هذه الكلمة هي الاسم الشّخصي للرّجل الذي خاطبه بولس. أطلُبُ مِنك أن تُساعِدَ الأختَينِ سالمِة وسَعيدة، لأنّهُما جاهَدَتا مَعي في الدَّعوةِ إلى البُشرى بِهِ (سلامُهُ علينا)، إضافةً إلى أخي كليمنْت وكُلِّ الدُّعاةِ، الّذينَ أعانوني وأسماؤُهُم سُجِلَت في سِجِلِّ الخالِدينَ.
يا أحبابي، افرَحوا دائِمًا، نعم افرَحوا، لأنّكُم تَنتَمونَ إلى جَماعةِ سَيِّدِنا المَسيحِ، ولا تُلِحّوا على النّاسِ في أخذِ حُقوقِكُم، لأنّ سَيِّدَنا عيسى سيَتَجَلّى قَريبًا بالإنصافِ. ولا تَجعَلوا هُمومَ الحَياةِ تُلازِمُكُم أبَدًا، بَل تَوَجِّهوا بالدُّعاءِ والابتِهالِ والحَمدِ إلى اللهِ في كُلِّ ما تَحتاجونَ إليهِ، وسَلامُ اللهِ الّذي يَعجِزُ البَشَرُ عن إدراكِهِ، يَحرُسُ قُلوبَكُم وعُقولَكُم لأنّكُم راسِخونَ في الإيمانِ بِسَيِّدِنا عيسى المَسيحِ.
وأخيرًا يا إخوتي، تأمَّلوا في كُلِّ حَقٍّ شَريفٍ، واذكُروا ما هو صالِحٌ طاهِرٌ، وكُلُّ ما نُحِبُّ ونُقَدِّرُ، وانظُروا في كُلِّ طيِّبٍ مَحمودٍ، واعمَلوا بِما عَلِّمتُكُم، وحافِظوا على كُلِّ ما سَمِعتُموهُ وأبصَرتُموهُ مِنّي، وسيَكونُ اللهُ السَّلامُ مَعَكُم خَيرَ حافِظٍ!
شكر بولس
10 إنّي سَعيدٌ وأتَوَجِّهُ بالشُّكرِ لِسَيِّدِنا عيسى، لأنّي أخيرًا رَأيتُ أنّكُم عُدتُم للاهتِمامِ بي. ها إنّكُم تُرسِلونَ المُساعَدةَ مَعَ الأخِ زَهرائي، ولا أعني أنّكُم أهمَلتُموني سابِقًا، ولكِن الفُرصةُ لم تَسنَح لكُم كَي تُعَبِّروا عنِ اهتِمامِكُم بي، 11 ولا أعني أنّي أحتاجُ إلى ما تَجودونَ بِهِ عَليّ، فقد تَعَلَّمتُ أن أكونَ قَنوعًا مَهما كانَت الظُّروف، 12 وإنّي قادِرٌ على العَيشِ في السَّرّاءِ والضَّرّاءِ، وقد أدرَكتُ هذا السِّرَ: أن أكونَ مِن القانِعينَ في كُلِّ الأحوالِ، فقد اختَبَرتُ الشَّبَعَ والجوعَ، والفَرَجَ والضِّيقَ، 13 وإنّي لقادِرٌ على تَحَمُّلِ كُلِّ حالٍ بِمَعونةِ السَّيّدِ المَسيحِ لأنّهُ يُقَوّيني. رفض بولس باعتباره داعية للسيد المسيح (سلامه علينا) الاشتغال تحت رعاية أيّ أحد من المؤمنين، بل سعى إلى جعل المؤمنين تحت رعايته. ولتحقيق رغبته هذه، اعتمد غالبًا على نفسه في كسب معاشه من صناعة الخيام، وتحمَّل مصاعب كثيرة من أجل ذلك، وهكذا أثبت حقيقة رسالة السيد المسيح (سلامه علينا). مع العلم أنّه كان يقبل بعض المساعدات التي تصله من جماعات المؤمنين عندما كان بعيدًا عنهم كي لا يظنّ أحد أنها مكافأة لعمله الروحاني بينهم، بل هي هدية لدعم الجماعات التي عمل معها.
14 وخَيرًا فَعَلتُم، عِندَما ساهَمتُم في تَقليلِ مَتاعِبي. 15‏-16 يا أحبابي في فيليبّي، إنّكُم تُدرِكونَ جَيّدًا أنّكُم ساعَدتُموني مُنذُ الأيّامِ الأُولى الّتي آمَنتُم فيها بِالسَّيّدِ المَسيحِ، حَتّى عِندَما كُنتُ مُحتاجًا في مَدينةِ تَسالونكي، ساعَدتُموني مَرّات ومَرّات، وعِندَما تَرَكتُكُم في مَقدونيا وقَصَدتُ مَناطِق أُخرى في اليُونانِ لِنَشرِ الدَّعوة، لم تَصِلني مَعونةٌ مِن أجلِ عَمَلي الرُّوحانيّ إلاّ مِن جَماعتِكُم. 17 وأنا أذكُرُ هذا، لَيسَ رَغبةً مِنِّي في هَداياكُم، بل أطلُبُ مِن اللهِ أن يُجازيكُم على سَخائِكُم، 18 فأنا الآنَ أنعَمُ في خَيرٍ وَفيرٍ، وأملِكُ ما يَتَجاوَزُ حاجَتي، لأنّي استَلَمتُ الهَدايا الّتي أحضَرَها إليّ الأخُ زَهرائي، وعَطاياكُم هي بِمَثابةِ قُربانٍ رائِحتُهُ ذَكيّةٌ ويُرضي الله. 19 وكَما كَفاني اللهُ ما أحتاجُ إليهِ، سيَكفيكُم أيضًا كُلُّ ما تَحتاجونَ إليهِ بِفَضلِهِ وغِناهُ المَجيدِ بِواسِطةِ سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ، 20 فَالحَمدُ للهِ أبينا الرَّحمنِ الرَّحيمِ الآنَ وإلى أبَدِ الآبِدينَ. آمينَ.
تحيّات ختاميّة
21 سَلِّموا على كُلِّ عِبادِ اللهِ الصّالِحينَ، أتباعِ سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ، ويُسَلِّمُ عليكُم جَميعُ المؤمنينَ مَعي 22 ولاسِيَّما الّذينَ هُم مِن حاشيةِ القَيصرِ. 23 فليَكُن فَضلُ سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ مَعَكُم أجمَعينَ. آمينَ.

*الفصل الرّابع:3 استخدم الكتّاب الإغريق الكلمة اليونانية (syzygos) للتّعبير عن ارتباط وثيق مثل ارتباط الزّواج أو العمل. ويرى بعض المفسّرين أنّ بولس يشير هنا إلى رفيق له في الدّعوة، بينما يرى آخرون أنّ هذه الكلمة هي الاسم الشّخصي للرّجل الذي خاطبه بولس.

الفصل الرّابع:13 رفض بولس باعتباره داعية للسيد المسيح (سلامه علينا) الاشتغال تحت رعاية أيّ أحد من المؤمنين، بل سعى إلى جعل المؤمنين تحت رعايته. ولتحقيق رغبته هذه، اعتمد غالبًا على نفسه في كسب معاشه من صناعة الخيام، وتحمَّل مصاعب كثيرة من أجل ذلك، وهكذا أثبت حقيقة رسالة السيد المسيح (سلامه علينا). مع العلم أنّه كان يقبل بعض المساعدات التي تصله من جماعات المؤمنين عندما كان بعيدًا عنهم كي لا يظنّ أحد أنها مكافأة لعمله الروحاني بينهم، بل هي هدية لدعم الجماعات التي عمل معها.