الفصل الثّاني عشر
المرأة والتّنين
وظَهَرَتْ في السَّماءِ آيةٌ عَظيمةٌ: امرأةٌ تَلتَحِفُ الشَّمسَ، والقَمَرُ تَحتَ قَدَمَيها، وعلى رأسِها تاجٌ يَتَألّفُ مِنِ اثنَي عَشَرَ نَجمٍ.* جاء في الكتابات اليهودية القديمة أنّ القدس هي بمثابة الأم. فمثلا يصف الله تعالى في كتاب النبي أشعيا معاناة بني يعقوب وأنّها ستكلّل بالبشرى في آخر الأيام لهذه الدنيا وشبّه ذلك بالمرأة الحامل التي وُعدت حقّا بأنها ستضع مولودها (انظر أشعيا، 26: 17 – 27: 1). وترمز الأمّ هنا إلى جماعة المؤمنين بالله. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الرموز (الشمس والقمر والنجوم) جاءت في الرؤيا الثانية للنبي يوسف ولكنّها تختلف في الدلالة مع ما ذُكر هنا (انظر سفر التكوين، 37: 9 – 10). إنّها حُبلى، وإذا بالمَخاضِ يُفاجِئُها فصَرَخَت مِن آلامِ الوَضَعِ. ثُمّ ظَهَرَتْ في السَّماءِ آيةٌ أُخرى: تِنِّينٌ أحمَرُ عَظيمٌ، لهُ سَبعةُ رُؤوسٍ تَعلوها تيجانٌ وعَشَرةُ قُرونٍ، جَرَّ بِذَيلِهِ ثُلُثَ نُجومٍ السَّماءِ وأسقَطَها إلى الأرضِ. ووَقَفَ أمامَ المَرأةِ يَنتَظِرُ لَحظةَ وِلادتِها كَي يَلتَهِم طِفلَها. جاء في الآية 9 أن التنين هو الشيطان، وربّما أشارت الرؤوس السبعة والقرون العشرة إشارة إلى مدينة روما، التي تمّ بناؤها على سبعة تلال، أو إلى الرجال الذين واظبوا على القتال للسيطرة على الإمبراطورية الرومانية. وربّما ترمز النجوم التي وقعت من السماء إلى أفراد جماعة الله الذين اضطهدهم الشيطان، وذلك استنادا إلى الصورة المجازية المشابهة الواردة في كتاب النبي دانيال (8: 10). ويرمز الطفل حديث الولادة الذي أراد التنين التِهامَه إلى سيدنا عيسى (سلامه علينا). فوَلَدَتِ المَرأةُ ابنَها، إنّهُ سَيِّدُنا عيسى المَسيحُ الّذي سيَحكُمُ الأُمَم بِعَصًا مِن حَديدٍ. وعِندَما أرادَ التِّنِّينُ أن يَبتَلِعَهُ تَدَخَّلَ اللهُ ورَفَعَهُ إلى عَرشِهِ في السَّماءِ. أمّا المَرأةُ فقد هَرَبَت إلى الصَّحراءِ، وفيها أعَدَّ اللهُ لها مَلجأ يَعُولُها فيهِ لِمُدّةِ ثلاث سِنين ونِصفٍ.
ونَشَبَت حَربٌ في السَّماءِ وفيها كانَ كَبيرُ المَلائِكةِ مِيخائِيلُ يَقودُ مَجموعةً مِن المَلائكةِ لمُحارَبةِ التِّنِّين ومَن مَعَهُ مِن المَلائِكة المُتَمَرّدينَ، ولكِنّهُم وَلَّوْا مُنهَزِمينَ، إذ طَرَدَ مِيخائِيلُ ومَن مَعَهُ مِن المَلائِكةِ التِّنِّينَ والشَّياطِينَ مِن السَّماءِ، وتَمّ رَميهُم إلى الدَّرَكِ الأسفَلِ. والتِّنِّينُ الكَبيرُ هُو الثُّعبانُ القَديمُ، الّذي يَقودُ العالَمَ كُلَّهُ إلى الضَّلالِ، واسمُهُ إبليسُ أوِ الشَّيطانُ. 10 وسَمِعتُ هاتِفًا مِن السَّماءِ يُنادي بِصَوتٍ عالٍ: “اليَومَ هُو يَومُ الفَوزِ العَظيمِ، وفيهِ تَجَلَّت قُدرةُ رَبِّنا ومَلَكوتُهُ، ومِن الآنَ يُمارِسُ مُختارُهُ السَّيّدُ المَسيحُ السُّلطانَ على الأرضِ، بَعدَ أن طُرِحَ الشَّيطانُ مِن السَّماءِ، إذ لم يَنفَكّ عن اتِّهامِ إخوانِنا لَيلاً نَهارًا في حَضرةِ اللهِ. 11 ولكنّهُم انتَصَروا عليهِ بفَضلِ دَمِ سَيِّدِنا عيسى، الذِّبحِ العَظيمِ، وبشَهادتِهِم الّتي قَدَّموها، فحَياتُهُم لم تَكُن عَزيزةً عليهِم حَتّى أمامَ المَوتِ. 12 فابتَهِجوا يا مَلائِكة السَّماءِ! أمّا أنتُم يا أهلَ الدُّنيا فيا لَشَقائِكُم، لأنّ إبلِيسَ نَزَلَ بِغَضَبٍ شَديدٍ على مَن في البَرِّ والبَحرِ، وهُو يَعلَمُ أنّ زَمَنَ حِسابِهِ باتَ وَشيكًا”.
13 وحِينَ أبصَرَ التِّنِّينُ أنّهُ طُرِحَ مِن السَّماءِ إلى الأرضِ، لَجَّ في مُطارَدةِ المَرأةِ الّتي وَلَدَت ابنَها البُشرى، 14 فوَهَبَها اللهُ جَناحي نِسرٍ عَظيمٍ كَي تَطيرَ إلى مَلجإ أعَدَّهُ لها في الصَّحراءِ لِتَعيشَ فيهِ ثَلاثَ سِنين ونِصف بَعيدًا عنِ التِّنِّينِ. 15 ثُمّ حاوَلَ التِّنِّينُ أن يُغرِقَ المَرأةَ بِفَيضٍ مِن المِياهِ قَذَفَهُ مِن فَمِهِ خَلفَها. 16 فأغاثَتِ الأرضُ المَرأةَ وابتَلَعَتِ النَّهرَ الّذي لَفَظَهُ التِّنِّينُ! 17 ثُمّ ازدادَ غَضَبُهُ على المَرأةِ فراحَ يُحارِبُ أولادَها المؤمنينَ، الّذينَ يُطيعونَ وَصايا اللهِ ويَعمَلونَ بِرِسالةِ سَيِّدِنا عيسى. 18 ثُمّ قَرَّرَ التِّنِّينُ أن يَقِفَ على شاطِئِ البَحرِ.

*الفصل الثّاني عشر:1 جاء في الكتابات اليهودية القديمة أنّ القدس هي بمثابة الأم. فمثلا يصف الله تعالى في كتاب النبي أشعيا معاناة بني يعقوب وأنّها ستكلّل بالبشرى في آخر الأيام لهذه الدنيا وشبّه ذلك بالمرأة الحامل التي وُعدت حقّا بأنها ستضع مولودها (انظر أشعيا، 26: 17 – 27: 1). وترمز الأمّ هنا إلى جماعة المؤمنين بالله. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الرموز (الشمس والقمر والنجوم) جاءت في الرؤيا الثانية للنبي يوسف ولكنّها تختلف في الدلالة مع ما ذُكر هنا (انظر سفر التكوين، 37: 9 – 10).

الفصل الثّاني عشر:4 جاء في الآية 9 أن التنين هو الشيطان، وربّما أشارت الرؤوس السبعة والقرون العشرة إشارة إلى مدينة روما، التي تمّ بناؤها على سبعة تلال، أو إلى الرجال الذين واظبوا على القتال للسيطرة على الإمبراطورية الرومانية. وربّما ترمز النجوم التي وقعت من السماء إلى أفراد جماعة الله الذين اضطهدهم الشيطان، وذلك استنادا إلى الصورة المجازية المشابهة الواردة في كتاب النبي دانيال (8: 10). ويرمز الطفل حديث الولادة الذي أراد التنين التِهامَه إلى سيدنا عيسى (سلامه علينا).